التّقسيم ، أعني : استصحاب حال العقل بالمثال الأوّل ، أعني : البراءة الأصليّة ممّا لا وجه له » (١). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
وحاصل ما ذكره الأستاذ العلاّمة في دفعه : هو أنّ الأصوليّين ليسوا مفصّلين في جريان الاستصحاب بين القضايا الوجوديّة المستندة إلى العقل والعدميّة المستندة إليه. كيف! وقد عرفت : أنّ الاستصحاب لا يتحقّق موضوعا في كلّ قضيّة مستندة إلى العقل سواء كانت وجوديّة أو عدميّة.
وهم مطبقون على عدم الفرق أيضا ، فمرادهم من حال العقل الّتي يذكرونها في تقسيم الاستصحاب ليس هو الحال المستندة إليه ، بل مرادهم من حال العقل : هو الحال الّتي تثبت في مورد حكم العقل من غير استناد إليه ، وإن كان للعقل مدخل في الحكم باستمراره.
ولمّا كان هذا المعنى مختصّا بالبراءة الأصليّة فلهذا اختصّوا حال العقل بها. وأمّا الاختصاص بها فلما قد عرفت : أنّ الوجود المستند إلى القضيّة العقليّة ليس له حالة سابقة يقينيّة مع قطع النّظر عن حكم العقل ، فالشّك فيه دائما يكون من جهة الشّك في الموضوع.
وأمّا العدم المستند إليه غير البراءة الأصليّة ـ كما فيما ذكره من المثالين ـ فهو وإن كان له حالة سابقة ، إلاّ أنّ بعد وجود الموضوع ليس ما يقتضي هناك باستمراره ، فلهذا اختصّ الحال بالمعنى المذكور بالبراءة الأصليّة ولا يتحقّق في غيرها. هذا ملخّص ما ذكره « دام ظلّه العالي ».
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٣٦٦.