(٢٣) قوله : ( وهذا بخلاف الأحكام الشّرعيّة (١) ؛ فإنّه قد يحكم الشّارع على الصّدق ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٣٨ )
أقول : أراد بذلك دفع ما ربّما يتوهّم : من جريان ما ذكره في استصحاب الأحكام الشّرعيّة أيضا فيما لم يكن مستندا إلى القضيّة العقليّة ؛ فإنّ الشّك في الحكم دائما لا بدّ أن يكون مستندا إلى الشّك في المناط والعلّة التّامّة ، فيلزم منه سدّ باب الاستصحاب في جميع الأحكام.
وحاصل الدّفع : أنّ الشّك في الحكم الشّرعي وإن كان مستندا إلى الشّك في بقاء المناط والعلّة له دائما ـ بل الشّك في جميع الأشياء وجودا وبقاء لا بدّ من أن يستند إلى الشّك في العلّة التّامة ـ إلاّ أنّه لا ملازمة بين العلّة التّامة والموضوع في القضايا الشّرعيّة ، بمعنى : أن يكون الموضوع فيها هو العلّة التّامة دائما.
فيمكن أن يحكم الشّارع بحرمة عنوان شكّ في بقاء حرمته في ثاني الزّمان مع القطع ببقاء أصل العنوان المعروض للحكم في القضيّة من جهة الشّك فيما هو
__________________
(١) قال سيّد العروة قدسسره :
« لا يخفى ما فيه من سوء التأدية ؛ إذ لا فرق بين ان يكون موضوع حكم العقل عنوان المضرّ وبين أن يكون موضوع حكم الشرع هذا العنوان ، فلو لم ينفع هذا الحكم الكلّي على الموضوع الكلّي في استصحابه عند الشك في بقاء قبح الصدق الخاص بالنسبة إلى حكم العقل لم ينفع في استصحاب حكم الشرع أيضا في المثال المفروض وإلاّ فما الفرق؟
والتحقيق : صحّة الإستصحاب في المقامين ، وشبهة عدم بقاء الموضوع قد عرفت جوابها فإذا كان الصدق الخاص قبيحا في السابق أو حراما من حيث كونه مصداقا لعنوان المضرّ فلا مانع من استصحاب قبحه أو حرمته » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٣ / ٦٢.