بِبالِغِيهِ ) وأمثاله في القرآن كثير .. وأما التجوز بها فهو أنواع. الأول : أن يجعل المعنى ظرفا لتعلقه بمعنى آخر وذلك قوله تعالى : ( وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) وهو طاعته واجتناب معصيته أو القتال في سبيله ظرفا لتعلق الجهاد ، والجهاد قائم بالمجاهد. ومن ذلك قوله تعالى : ( لا رَيْبَ فِيهِ ) ومن ذلك قوله تعالى : ( وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ) جعل الساعة والكتاب ظرفين لتعلق الريب لا لنفس الريب ، فإن الريب حال في المرتاب ، ومنه قوله تعالى : ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ ) أي في توريثهن جعل التوريث محلا لتعلق الاستفتاء ، ثم قال : ( قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَ ) أي في توريثهن فجعل التوريث محلا لتعلق بيان الفتيا وهو قول المفتى. ومنه قوله تعالى : ( فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ) جعل الحق محلا لتعلق الاختلاف قائم بالمختلفين. ومنه قوله تعالى : ( فَادَّارَأْتُمْ فِيها ) أي فادّارأتم في قتلها فجعل القتل محلا لتعلق الدرء. ومنه قوله تعالى : ( فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ) جعل حبه أو مراودته ظرفا لتعلق لومهن لا لنفس اللوم ، فإن لومهن قائم بهن ..
الثاني : التجوز بها عن الباء التي للسبب وهي في القرآن العظيم كثير. فمن ذلك قوله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ ) أي بسبب ما أخطأتم. ومنه قوله تعالى : ( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) أي بسبب نصرة سبيل. وكذلك الحب في الله والبغض في الله أي بسبب تعظيم الله ، وله نظائر كثيرة ولما كان المسبب متعلقا بالسبب جعل السبب ظرفا لتعلق المسبب ..
الثالث من التجوز به وهو أن يجعل الجرم محلا لتعلق المعنى ، وهو في القرآن المجيد كثير. من ذلك قوله تعالى : ( وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) جعل الأجرام محلا لتعلق الفكر لا لنفس الفكر فإن الفكر قائم بالتفكر. ومنه قوله تعالى :