المختلفة في فقرتين فالأحسن أن تكون الثانية أزيد من الأولى ولا تزيد بقدر كثير كقوله تعالى : ( وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً ). وكذلك قوله تعالى : ( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا ) .. وأما المختلف في أكثر من فقرتين فأحسنه أن تكون الفقرة الثالثة زائدة والأوليتان متساويتان أو الثانية منه أزيد يسيرا .. وأقل السجع حسنا ما يكون المتأخر من الفقرات أقل مما قبلها.
وأما الثاني : فقد اختلف أرباب علم البيان فيه. فمنهم من قال باستحسان السجع وفضله على الاسترسال في الكلام ورجحه .. ومنهم من كره السجع واقبحه ، واحتج على ذلك بأمرين : أحدهما اشتماله على الكلفة. والثاني قوله عليه الصلاة والسلام : « أسجعا كسجع الجاهلية » وكلا الحجتين فاسد .. أما الاولى فلأنه لم يخل شيء من الكلام من تكلف ما .. وأما الثانية فلأن الإنكار إنما كان لسجع مخصوص ، وهو ما قصد به ابطال حق أو تحقيق باطل ولو كان السجع قبيحا لاستحال وروده في القرآن .. والتسجيع وعدمه أسلوبان جرت عليهما ألسنة فصحاء العرب وخطبائهم يأتون بذلك بغير تكليف ولا تعسف .. وورد في القرآن العظيم آيات كثيرة خالية من السجع وآيات كثيرة مشحونة بالسجع ، وسورة الضحى ، والكوثر فاعرفه.
الثالث : قال علماء علم البيان الأسجاع موضوعة على ان تكون ساكنة الاعجاز موقوفا عليها ، لأن الغرض أن يجانس بين القرائن ويزاوج بينهما ولا يتم ذلك الاّ بالوقف ، ألا ترى أنك لو وصلت قوله : ما من عزّة إلا وإلى جنبها عزّة ، وقولهم ما أبعد ما فات ، وما أقرب ما هو آت لم يكن من اجراء كل الفقرات على ما يقتضيه حكم الاعراب ، فتكون