اراد انها اذا رأته على هذه الصورة المليحة هويته ، فنالها من هواه كما نال المتنبي من هواها ، فكأنه أخذ بثأره .. ومنه قوله في هذه القصيدة أيضا :
علّ الأمير يرى ذلّي فيشفع لي |
|
إلى التي جعلتني في الهوى مثار |
يشير إلى أنها إذا أحبت الامير علمت مقدار المحبة وعززت من يحبها كما قيل :
إنّما يرحم المحبّ المحبّو |
|
ن ويحنو على المشوق المشوق |
والقرآن العظيم من جملة إعجازه كثرة الشجا ، وترقيقه للقلوب واستمالته للنفوس بحيث أنه لا يسمعه أحد الاّ ومال إليه قلبه وامتلأت به جوانحه وانطوت على مثل جمر الغضا ضلوعه وجرت على صفحات خده دموعه ، وفيه من وصف الجنة ونعيمها ومنازل الزلفى وطيب رسومها ما يشوق القلوب إلى لقائها ، ويسوق النفوس إلى الحلول بفنائها مثل قوله تعالى : ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ). وقوله تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ). وقوله تعالى : ( وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) وقوله تعالى : ( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) إلى آخر السورة. وقوله تعالى : ( وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ذَواتا أَفْنانٍ ) إلى آخر السورة. وفي القرآن العظيم من هذا النوع كثير.