هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ ، وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) كرر ـ أن ـ في أربعة مواضع تأكيدا. وكذلك قوله تعالى : ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ ، وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ) ومثله في القرآن كثير ومن هذا النوع قول الشاعر :
ألا يا اسلمى ثم اسلمى ثمّت اسلمى
والغرض من هذه المبالغة في الدعاء لها بالسلامة. وقد يكرر القول طلبا لدوام تذكر الارهاب كما كرر في سورة الرحمن : ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ) وقد يكرر اللفظ أيضا ليتصل أول الكلام بآخره اتصالا جيّدا كما في قوله تعالى : ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ). ومن ذلك الآية التي قبل هذه الآية. ومن ذلك قوله تعالى : ( إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ ) .. وأما ما تكرر لفظه ومعناه مختلف فمنه قوله تعالى : ( وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ ) فإن المقصود بقوله ـ يحق الحق ـ بيان ارادته وبقوله ـ ليحق الحق ـ الثانية لقطع دابر الكافرين ونصر المؤمنين عليهم. وكذلك قوله تعالى : ( لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ) معناه لا أعبد في المستقبل ما تعبدونه أنتم الآن ، ولا أنتم تعبدون في المستقبل ما أنا عابد له ، ولا أعبد قط آلهتكم حتى أكون الآن عابدا لما تعبدون ، ولا أنتم عبدتم قط إلهي حتى تكونوا له الآن عابدين ..
ومن ذلك قوله تعالى : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) إلى قوله في الآية الأخرى