وقد استدل للبرائة بأخبار أخر ، أظهرها دلالة قوله عليهالسلام « كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهى » (١).
والاستدلال به مبنى على أن يكون « الورود » بمعنى الوصول إلى المكلفين ، لا الورود المقابل للسكوت ، وإلا كان مفاده أجنبيا عن محل البحث ، فان الورود المقابل للسكوت هو بمعنى الجهل بالتشريع ، فيكون مفاد الحديث المبارك : « كل شيء مطلق والناس منه في سعة ما لم يبين الله تعالى حكمه » أي ما دام مسكوتا عنه ، كما ورد في الخبر : « إن الله تعالى سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا » الخبر (٢) وأين هذا مما هو مورد البحث من الشك في التكليف بعد تبين الأحكام وتبليغها إلى الأنام وعروض الاختفاء لبعضها لبعض موجبات الاختفاء!.
وقد استدل على البراءة بقوله عليهالسلام « كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه » أو « حتى تعرف الحرام منه بعينه » على اختلاف النسخ (٣).
وقوله عليهالسلام : « كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه (٤).
ولا يخفى : ظهور كلمة « فيه » و « منه » و « بعينه » في الانقسام والتبعيض الفعلي ـ أي كون الشيء بالفعل منقسما إلى الحلال والحرام ـ بمعنى أن يكون قسم منه حلالا وقسم منه حراما واشتبه الحلال منه بالحرام ولم يعلم أن المشكوك من القسم الحلال أو الحرام ، كاللحم المطروح المشكوك كونه من الميتة أو المذكى ، أو المايع المشكوك كونه من الخل أو الخمر ، فان اللحم أو المايع
__________________
١ ـ الوسائل الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي الحديث ٦٠.
٢ ـ نهج البلاغة قصار الحكم ١٠٥
٣ ـ الوسائل : الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به الحديث ١.
٤ ـ الوسائل : الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٤.