يحصل ؛ غايته أنه يجب تقييد إطلاقه بما إذا كان المنذر عدلا ، لقيام الدليل على عدم وجوب العمل بقول الفاسق ، كما هو مفاد منطوق آية النبأ.
وبعد العلم بهذه الأمور لا أظن يشكك أحد في دلالة الآية الشريفة على حجية خبر العدل ، فان مفادها بعد ضم الأمور السابقة ، هو وجوب قبول قول المنذر والحذر منه عملا عند إخباره بما تفقه من الحكم الشرعي إذا كان المنذر عدلا ، ولا نعنى بحجية خبر الواحد إلا ذلك ، فيكون مفاد الآية الشريفة مفاد سائر الأدلة الدالة على حجية قول العدل في الأحكام.
وبما ذكرنا من تقريب الاستدلال يمكن دفع جميع ما ذكر من الإشكالات على التمسك بالآية الشريفة.
منها : ان غاية ما تدل عليه الآية هو مطلوبية الحذر عقيب الإنذار ، إلا أنها ليس لها إطلاق يعم صورة عدم حصول العلم من قول المنذر.
وأنت خبير : بأنه بعد ما عرفت من أن المراد من الجمع هو العام الاستغراقي لا يبقى موقع لهذا الإشكال ، فإنه أي إطلاق يكون أقوى من إطلاق الآية بالنسبة إلى حالتي حصول العلم من قول المنذر وعدمه (١).
ومنها : ان وجوب الحذر إنما يكون عقيب إنذار المنذر بما تفقه ، والتفقه عبارة عن العلم بأحكام الدين من الواجبات والمحرمات الواقعية ، فلابد وأن يكون المنذر ( بالفتح ) عالما بأن إنذار المنذر ( بالكسر ) كان بالمحرمات والواجبات الواقعية ، فيختص اعتبار قول المنذر بما إذا حصل للمنذر ( بالفتح ) العلم بالحكم الشرعي من قوله ، ولا يخفى أن هذا الإشكال وإن كان بالنتيجة يتحد مع الإشكال السابق ، إلا أن طريق الإشكال يختلف ، كما هو واضح.
__________________
١ ـ أقول : بعد عدم الملازمة بين العموم المزبور مع إطلاق الإنذار لا معنى لهذا الاستنتاج في المقام ، بل العمدة إثبات الإطلاق المزبور ، وهو أول الكلام ، لإمكان دعوى إهمال القضية من حيث الحال ، مع فرض عموم الإنذار استغراقا أفرادياً.