الثالث : انسداد باب العلم في بعض موضوعات الأحكام لا يوجب اعتبار الظن فيه (١) فإنه لا يلزم من الرجوع إلى الأصول أو الاحتياط فيها محذور ، إلا إذا تولد من الظن فيها عنوان آخر كان هو الموضوع للحكم ك « باب الضرر » فان الظن بتحقيق الضرر يلازم الخوف الذي هو الموضوع في الحقيقة ، بل قد يحصل الخوف من الشك أيضا.
الرابع : لا عبرة بالظن في باب الأصول والعقايد ، فإنه لابد فيها من تحصيل العلم ، وفي الموارد التي انسد فيها باب العلم يمكن الالتزام وعقد القلب بها على سبيل الإجمال ، بمعنى أنه يلتزم بالواقعيات على ما هي عليها. وقد أطال الشيخ قدسسره الكلام في هذا المقام بلا موجب.
وليكن هذا آخر ما أردنا ذكره من المباحث المتعلقة بالظن.
والحمد لله أولا وآخرا.
والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
________________________
١ ـ أقول : لا يخفى أن لازم مقالة القائل بالتبعيض في الاحتياط ومرجعية الظن في مقام الإسقاط : أن يلتزم في الموضوعات عند الاضطرار بغير المعين الأخذ بطرف المظنون لو كان ، لجريان تمام مقدماته فيه ، ولا أظن التزامه به ، وليس ذلك إلا من جهة منع تمامية المقدمة الرابعة في تعيين الظن في مقام إسقاط التكليف به ، ولعمري! أن ذلك من الشواهد على بطلان مسلك التبعيض في باب الانسداد ، علاوة عما ذكرنا : من أن لازم التعيين في الظن والترخيص في غيره مطلقا ـ كما هو ظاهر كلامه ـ سقوط العلم عن المنجزية رأسا ، مضافا إلى أن مقتضى محذور الخروج عن الدين ـ ولو لم يكن علم إجمالي ـ وجود منجز آخر في البين ، ومعه ينحل العلم الإجمالي رأسا ولا يبقى معه أثر ، وحينئذ كان لتعيين المنجز الآخر بالمقدمة الرابعة مجال.
وبهذا البيان أيضا قلنا ببطلان الاحتياط رأسا حتى تبعيضا ، كما لا يخفى ، فتدبر ، ولقد أشرنا إلى وجه التأمل في بعض الحواشي السابقة.