تفصيل ذلك.
فتحصل من جميع ما ذكرنا : أن مقدمات الانسداد الصغير لا تنتج اعتبار الظن بالصدور ، بل أقصى ما تقتضيه هو اعتبار الظن بالمضمون ، هذا.
ولكن يمكن تقريب مقدمات الانسداد الصغير بوجه آخر تنتج اعتبار الظن بالصدور ، مع سلامته عما أورد على الوجه الأول.
بيانه : هو أنه نعلم بصدور غالب الأخبار المودعة فيما بأيدينا من الكتب ، ولا إشكال في أنه يجب الأخذ بما صدر عنهم ( صلوات الله عليهم ) من الأخبار ، لا من حيث أنها تتضمن الأحكام الواقعية ليرجع إلى الوجه الأول ، بل من حيث إن نفس الأخبار الصادرة عنهم أحكام ظاهرية من جهة وقوعها في طريق إحراز الواقعيات بعد فرض جريان الأصول اللفظية والجهتية فيها ، وحيث لم يمكن لنا تحصيل العلم بالأخبار الصادرة عنهم ، فلابد من التنزل إلى الظن والأخذ بمظنون الصدور. ولا يرد على هذا التقريب شيء مما ذكر في التقريب السابق ، فان الإشكالات المتقدمة كانت مبتنية على أن وجوب العمل بالأخبار من باب أنها تتضمن الأحكام الواقعية ، فكان يرد عليه : أن متعلق العلم بالأحكام الواقعية لا يختص بالأخبار ، بل الأمارات الظنية أيضا من أطراف العلم الإجمالي ، فلابد من العمل بكل ما يظن أنه حكم الله الواقعي لا خصوص مظنون الصدور من الأخبار ، إلى آخر الإشكالات المتقدمة.
وأمّا هذا التقريب : فهو مبنى على وجوب العمل بنفس الأخبار الصادرة من حيث إنها أخبار لكونها أحكاما ظاهرية ، فلا تكون سائر الأمارات من أطراف هذا العلم الإجمالي ، لأن الأمارات الظنية التي لم يقم دليل على اعتبارها ليست أحكاما ظاهرية ، فدائرة العلم الإجمالي يتخصص بالأخبار ، ونتيجته هي الأخذ بمظنون الصدور عند تعذر تحصيل العلم التفصيلي بما صدر وعدم وجوب الاحتياط في الجميع ، بل مقتضى العلم بصدور غالب ما في الكتب من الأخبار هو انحلال العلم الإجمالي بوجود التكاليف بين الأخبار