تفصيل ذلك ( إن شاء الله تعالى ) في آخر الاستصحاب.
وإجماله : هو أن الأمارات إنما تكون رافعة للشك الذي اخذ موضوعا في الأصول العملية ، لا رفعا وجدانيا بنفس التعبد بالأمارة ، بل رفعا تعبديا بثبوت المتعبد به ، وبذلك تفترق « الحكومة » عن « الورود » كما يفترق « الورود » عن « التخصيص » بأن خروج فرد عن موضوع الحكم في « الورود » إنما يكون بعناية التعبد ، وفي « التخصص » بلا عناية التعبد ، بل بالتكوين ، كخروج الجاهل عن العالم ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك بما لا مزيد عليه في مبحث الاستصحاب ، وبينا الوجه في حكومة الأمارات بعضها على بعض ، وحكومتها على الأصول ، وحكومة الأصول بعضها على بعض ، فراجع.
الأمر الثالث :
لا يجوز إعمال الوظيفة المقررة لحال الشك إلا بعد الفحص واليأس عن وجود أمارة على أحد طرفي الشك ، لما عرفت : من أن الأمارات تكون حاكمة على الأصول ، فلا يجوز الاعتماد على الأصول مع احتمال وجود أمارة في مورد الشك إلا بعد الفحص واليأس عن الظفر بالأمارة ، وسيأتي مزيد توضيح لذلك.
الأمر الرابع :
قد عرفت : أن الوظيفة المقررة للشاك إنما هو الأصول العملية ، والتي
__________________
الإختلاف يوجب « الحكومة » أو « الورود » بين دليلهما ، فجعل وجه الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري نفس اختلاف الرتبة ، ووجه الجمع بين دليلهما حكومة أحدهما على الآخر بلا اشتراك بين المقامين في وجه الجمع وتناف بين المدلولين بنفسهما مع قطع النظر عن دليلهما ، فمن أين ظهر : أن وجه التنافي بين المقامين واحد ووجه الجمع واحد؟ إذ صريح كلامه منع التنافي بين المدلولين لمحض اختلاف الرتبة وأن هذا الاختلاف الرتبي موجب للجمع بين دليلهما بالحكومة أو الورود ، فتأمل في كلماته ، لعمري! أن هذا المقدار واضح لا يستأهل ردّاً.