الكذائي مؤدى طريق معتبر وإن لم يحصل الظن بطريقية طريق خاص ، فلو حصل للمكلف الظن بان وجوب صلاة الجمعة مؤدى طريق معتبر كان حكمه حكم الظن بطريقية طريق خاص. والظن بالأحكام غالبا يلازم الظن بأنها مؤدى طريق معتبر ، خصوصا إذا كانت الأحكام المظنونة مما تعم بها البلوى ، فان الظن بها لا ينفك عن الظن بأنها مؤدى طريق معتبر وإن لم يتشخص ذلك الطريق لدى المكلف.
فالإنصاف : أن الوجه الأول ـ الذي اقتصر عليه « صاحب الفصول » لإثبات كون نتيجة دليل الانسداد اعتبار خصوص الظن بالطريق لا بالواقع ـ مما لا يرجع إلى محصل ولا يثبت دعواه.
الوجه الثاني : ما أفاده « المحقق صاحب الحاشية » مضافا إلى الوجه الأول ، وحاصله يتألف من مقدمات :
الأولى : ان الواجب علينا أولا ـ بعد العلم بأننا مكلفون بالأحكام الشرعية ولم تسقط عنا ـ هو العلم بتفريغ الذمة في حكم المكلف أو الشارع (١)
__________________
١ ـ أقول : بعد ما كان اشتغال الذمة اليقينية يقتضي الفراغ اليقيني يرجع ذلك إلى حكم العقل المستتبع لحكم الشرع إرشادا بلزوم تحصيل اليقين بالفراغ الوجداني أو اليقيني تنزيلا ، الذي هو عبارة عن حجية شيء على الواقع الملازم لليقين التنزيلي بالفراغ في عرض اليقين الوجداني به ، وحينئذ نقول : إن الظن بصرف أداء الواقع وإن كان ملازما للظن بالفراغ واقعا ، ولكن لا يلازم للظن بالفراغ عن يقين وجداني أو تعبدي تنزيلي ، بخلاف ما لو ظن بحجيته شرعا ، فإنه يلازم الظن بالفراغ اليقيني التنزيلي ولو لم يكن ملازما للفراغ المتيقن وجدانا ، وعمدة النكتة فيه : هو أن حجيته شرعا المساوق للفراغ اليقيني التنزيلي إنما هو في عرض اليقين بالفراغ وجدانا ، ولازمه كون الظن بها ظنا بالفراغ اليقيني الذي هو في عرض اليقين بالفراغ الواقعي ، وحينئذ إذا كان هم العقل عند الاشتغال بشيء تحصيل اليقين بالفراغ أو اليقيني منه ـ الذي هما في طول الفراغ الواقعي ـ فمع عدم التمكن يتنزل إلى تحصيل الظن بالفراغ اليقيني ، وهو ينحصر بالظن بحجية شيء لا بصرف الظن بأداء الواقع ، وحينئذ لو أراد « المحقق » هذا المعنى لا يرد عليه ما أورد ، كما إنه لا يحتاج في إثبات مدعاه إلى دعوى العلم الإجمالي بجعل طريق أصلا ، كما لا يخفى ، فتدبر فيه وفي دفع ذلك البيان بالبيان الآتي ( إن شاء الله تعالى ) لا بمثل هذه البيانات.