أحد (١) وأفاد فيه من الدقايق العلمية ما كانت الأفهام قاصرة عن إدراكه كما سيتضح لك ذلك ( إن شاء الله تعالى ) فشكر الله مساعيه وجزاه عن العلم وأهله خيرا.
وعلى كل حال : دليل الانسداد يتألف من مقدمات أربع.
وقيل : إنها خمس ، بجعل العلم بالتكاليف من جملة المقدمات. والشيخ قدسسره أسقط هذه المقدمات نظرا إلى أن المراد من العلم بثبوت التكاليف ، إن كان هو العلم بثبوت الشريعة وعدم نسخ أحكامها فهذا من البديهيات التي لا ينبغي عدها من المقدمات ، فان العلم بذلك كالعلم بأصل وجود الشارع. وإن كان المراد من العلم بثبوت التكاليف العلم الإجمالي بثبوتها في الوقايع المشتبهة التي لا يجوز إهمالها ، فهو أيضا ليس من مقدمات دليل الانسداد ، بل هو من أحد الوجوه الثلاثة التي تبتنى عليها المقدمة الثانية ( على ما سيأتي بيانه ) فالأولى الاقتصار على ما ذكره الشيخ قدسسره من المقدمات الأربع.
الأولى : انسداد باب العلم والعلمي في معظم الفقه. وهي عمدة المقدمات ، حتى حكى عن بعض المتقدمين الاكتفاء بها في استنتاج حجية مطلق الظن ، والمقدمات الآخر أضافها المتأخرون.
الثانية : عدم جواز إهمال الوقايع المشتبهة وترك التعرض لها بالرجوع إلى البراءة في جميع موارد الشك في التكليف.
* * *
__________________
١ ـ أقول : بعد التأمل فيما أفيد لم أجد فيه إلا دعوى إجماع في باب الانسداد الذي خرب أساس القوم ، وصار منشأ لتوهم تأسيس جديد في هذا الباب. ولكن لو تأملت في كلماتهم ترى بأن لمثل هذا الإجماع ليس عين ولا أثر ، وسيمر عليك أيضا سر كلماتنا في محل استنتاجه من مقدماته ( إن شاء الله تعالى ) ولقد فصلنا الكلام أيضا في شرح مرامه في الحاشية الآتية.