الشي وصفان : أحدهما ذاتي والآخر عرضي (١) وكان منشأ الحكم هو الوصف الذاتي لكان هو المتعين بالذكر ـ كما عليه طريقة أهل المحاورة ـ فلو قال « أكرم عالما » وكان علة الإكرام هو إنسانية العالم لا عالمية الانسان ، كان الكلام خارجا عن الطريقة المألوفة عند أهل المحاورة لسبق الانسانية التي هي من الأوصاف الذاتية على العالمية ، فلو كان المتكلم يتكلم على طبق الطريقة المألوفة وقال « أكرم عالما » يستفاد من كلامه لا محالة أن المنشأ للإكرام هو وصف العالمية لا وصف الإنسانية ، وحيث كان المذكور في الآية الشريفة هو الوصف العرضي وهو عنوان « الفاسق » فيستفاد منها أن منشأ وجوب التبين هو كون المخبر فاسقا لا كون خبره من الخبر الواحد ، فإذا لم يكن المخبر فاسقا وكان عادلا ، فإما أن يجب قبول خبره بلا تبين ، وإما أن يرد ، ولا سبيل إلى الثاني ، لأنه يلزم أن يكون أسوء حالا من الفاسق ، فيتعين الأول وهو المطلوب.
وبما ذكرنا في تقريب مفهوم الشرط من كون وجوب التبين شرطا للعمل لا مطلقا يظهر عدم الحاجة إلى هذه المقدمة في مفهوم الوصف أيضا ، لاتحاد مفاد المفهوم والمنطوق فيهما.
هذا ، ولكن يمكن الخدشة في الاستدلال على كل من تقريبي مفهوم الوصف ومفهوم الشرط.
أمّا مفهوم الوصف : فلما بيناه ( في باب المفاهيم ) من أن القضية
__________________
١ ـ أقول : لا إشكال في أن لازم عدم حجية قول الفاسق عدم وجود الاقتضاء في ذات الخبر المعروض لهذه الإضافة ، ولازمه وجود مقتضى التبين في هذه الذات أيضا ، إذ يكفي في مقتضى التبين عدم اقتضاء خبره للحجية ، وحينئذ لازم تقدم رتبة الذات على العرض نسبة وجوب التبين إلى الذات التي هي المعروض هذا العرض ، لا إلى نفس العرض ، وحينئذ الانتقال من نسبة التبين إلى الذات المعروض إلى عرضه ليس من باب عدم الاقتضاء في الذات المزبور كي بهذا التقريب يثبت حصر مقتضى التبين بالفاسق ، بل عمدة النكتة في الانتقال من الذات إلى العرض دعوى تخصيص مقتضى التبين وحصره بالإضافة إلى عرض آخر من إضافة الخبر إلى العادل ، حيث إنه لو لم يكن حجة لكان فيه أيضا مقتضى التبين ، كما لا يخفى ، ومرجع ذلك إلى تقريب آخر لمفهوم الوصف غير ما ذكر ، كما لا يخفى.