حينئذٍ مرسلا غير مقيد بقيد ، والمفروض أنها مثبتة للواقع فلا مانع من قيامه مقامه.
وأما قيامها مقام القطع المأخوذ على جهة الصفتية فلا يمكن ، لأنه يكون حينئذ كسائر الصفات النفسانية ومفاد حجية الطرق والأمارات أجنبي عن إفادة ذلك ، فان مفادها الوسطية في الإثبات وإحراز الواقع ، وأين هذا من تنزيل الظن منزلة القطع من حيث الصفتية! فقيام الظن مقام القطع من هذه الجهة يحتاج إلى دليل آخر وراء أدلة الحجية.
وظاهر عبارة الشيخ ( قده ) أنه هو لو قام دليل آخر على قيام الظن منزلة العلم من هذه الجهة يكون مفاد ذلك الدليل مفاد أدلة حجية الطرق والأمارات من حيث قيامها مقام العلم الطريقي ، أي يكون مدلول ذلك الدليل من سنخ مدلول الأمارات من حيث كونه حكما ظاهريا.
ولا يخفى ما فيه ، فإنه لو فرض أنه قام دليل على تنزيل الظن منزلة العلم من هذه الجهة يكون ذلك من التنزيل الواقعي والتعميم في ناحية الموضوع واقعا من قبيل قوله « الطواف بالبيت صلاة » وليس ذلك من الحكم الظاهري ، لما تقدم من أن الحكم الظاهري ما كان في طول الواقع وواقعا في طريق إحرازه ، وأين هذا من تنزيل صفة مقام صفة أخرى ، فإن الظن حينئذ لم يعتبر من حيث إحرازه للمتعلق ، بل من حيث إنه صفة ، فيكون في عرض العلم موضوعا واقعيا لحكم واقعي ، وذلك واضح.
والذي يسهل الخطب أنه لم نعثر في الفقه على مورد اخذ العلم فيه موضوعا على وجه الصفتية ، والأمثلة التي ذكرها الشيخ ( قده ) في الكتاب ليس شيء منها من هذا القبيل ، فان العلم في باب الشهادة اخذ من حيث الطريقية ، ولذا جاز الشهادة في موارد اليد ، كما دلت عليه رواية ( حفص ) (١) وفي باب
__________________
(١) الوسائل : الباب ٢٥ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى الحديث ٢.