الأمر الثاني : نقل الإجماع تارة : يرجع إلى نقل السبب من أقوال العلماء وفتاويهم الكاشفة عن رأى المعصوم عليهالسلام وأخرى : يرجع إلى نقل نفس المسبب وهو رأيه عليهالسلام ، فان رجع إلى نقل السبب كان ذلك إخبارا عن الحس (١) ويندرج في عموم أدلة حجية الخبر الواحد ، وإن رجع إلى نقل المسبب كان ذلك إخبارا عن الحدس ، فلا عبرة به (٢) ولا دليل على حجيته ، إلا على بعض الوجوه في تقدير مدرك حجية الإجماع ، كما سيأتي.
الأمر الثالث : اختلفت مشارب الأعلام في مدرك حجية الإجماع المحصل الذي هو أحد الأدلة الأربعة ، فقيل : إن الوجه في حجيته دخول شخص المعصوم عليهالسلام في المجمعين ، ويحكى ذلك عن السيد المرتضى قدسسره.
وقيل : إن قاعدة اللطف تقتضي أن يكون المجمع عليه هو حكم الله الواقعي الذي امر المعصوم عليهالسلام بتبليغه إلى الأنام ، ويحكى ذلك عن شيخ الطائفة قدسسره.
وقيل : إن المدرك في حجيته هو الحدس برأيه عليهالسلام ورضاه بما أجمع عليه ، للملازمة العادية بين اتفاق المرؤوسين المنقادين على شيء وبين رضا الرئيس بذلك الشيء (٣) ويحكى ذلك عن بعض المتقدمين.
وقيل : إن حجيته لمكان تراكم الظنون من الفتاوى إلى حدّ يوجب
__________________
١ ـ أقول : وربما يكون إخباره بالسبب أيضا عن حدس ، فيلحق ذلك أيضا بالإخبار عن المسبب.
٢ ـ أقول : إذا لم يكن حدسه قريبا إلى حسه ، كما أشرنا ، وإلا فيلحق باخباره بالسبب
٣ ـ أقول : إذا كانت الملازمة عادية ـ نظير ملازمة لوازم الشجاعة وملكة العدالة ـ فهو حدسي قريب بالحس ، كما أسّسنا في الحاشية الطويلة ، فراجع.