الواجد لما فقده غيره والفاقد لما وجده ، هذا.
ولكن الأنصاف : أن دعوى كون المتيقن في المرتبة الأولى هو الخبر الواجد للأوصاف والشروط المتقدمة مما لا شاهد عليها (١) بل الذي يكون متيقن الاعتبار في حال الانسداد هو مطلق الخبر الموثوق به ـ ولو بواسطة عمل الأصحاب به واعتمادهم عليه ـ وإن كان فاقدا للشرائط المتقدمة.
نعم : الخبر الواجد للأوصاف إنما يكون متيقن الاعتبار بالنسبة إلى الأدلة الدالة على حجية الخبر الواحد ، فان القدر المتيقن دلالتها على حجية الخبر الواجد للأوصاف لو ادعى عدم إطلاقها لمطلق الخبر ، وأما القدر المتيقن في الحجية في حال الانسداد هو الخبر الموثوق به بعمل الأصحاب ، فإنه لا يمكن أن يكون غيره حجة في هذا الحال ولا يكون هو حجة.
فما أفاده الشيخ قدسسره : من أن المتيقن عند انسداد باب العلم هو الخبر المشتمل على القيود المتقدمة ، يمكن منعه ، وكأنه اشتبه عليه ما هو المتيقن من دلالة أدلة حجية الخبر مع ما هو المتيقن من دليل الانسداد. والخبر الموثوق به بمثابة من الكثرة يفي بمعظم الأحكام ، فلا وجه لتعميم النتيجة إلى مطلق ما يفيد الظن.
مع أنه لو سلم أن ما هو متيقن الاعتبار في المرتبة الأولى هو الخبر الواجد للأوصاف ، ولكن نقول : إن ما هو المتيقن في المرتبة الثانية هو مطلق الخبر الموثوق به ، ولا سبيل إلى دعوى أنه إذا لم يكن المتيقن في المرتبة الأولى وافيا بالأحكام فليس في المرتبة الثانية ما يكون متيقن الاعتبار بالإضافة ، مع أنه لو سلم أنه ليس في المرتبة الثانية ما يكون متيقن الاعتبار ، ولكن يوجد في المرتبة
________________________
١ ـ أقول : يكفي شاهدا نفس اليقين به من النتيجة ، والتعدي منه إلى غيره محتاج إلى الشاهد. ولقد أجاد « شيخنا الأعظم » في ذلك ، ولا يناسب رمى مثل هذا الخريط في هذه الصنعة بالاشتباه. نعم لا بأس بالحاق مطلق الخبر الموثوق به بعمل الأصحاب بالمرتبة الأعلى ، ولو من جهة وجود متيقن في البين دل على اعتباره ، فتدبر.