ما يكون بهذه المثابة إلا أقل قليل لا يفي بمقدار معتد به من الفقه ، فضلا عن أن يكون وافيا بمعظمه ، على أنه لو فرض كثرته وأنه يفي بمعظم الأحكام ، إلا أنه حيث يعلم إجمالا بثبوت المخصصات والمقيدات له فيما بأيدينا من الأخبار فلا يجوز الاعتماد عليه ، لأنه يكون حينئذ كظواهر الكتاب لا يجوز التمسك بها من جهة العلم الإجمالي بالمخصصات والمقيدات لها.
فان قلت : لو فرض عزة وجود هذا الصنف من الخبر وعدم كونه وافيا بمعظم الأحكام ، لكان المتعين حينئذ هو التعدي عنه إلى ما هو المتيقن بالإضافة إلى غيره مما يكون دون الخبر الصحيح الأعلائي ، فان كان وافيا وإلا يتعدى إلى غيره مما هو المتيقن بالإضافة إلى غيره ، وهكذا إلى أن يحصل فيما بين أصناف الأخبار ما يكون وافيا بمعظم الأحكام ، فعلى هذا لا يجوز التعدي إلى كل أمارة ، ولا موجب لتعميم النتيجة لكل ظن ، مثلا لو فرض أن الخبر المزكى رواته بعدل واحد مع كونه. واجدا لسائر القيود والشروط المتقدمة كان كثير الوجود وافيا بالأحكام ، فالواجب هو الاقتصار عليه ، ولا يجوز التعدي عنه إلى ما دونه مما كان فاقدا لبعض القيود الاخر ، ولو فرض أن هذا الصنف من الخبر أيضا قليل لا يفي بالأحكام ، فاللازم التعدي عنه إلى ما دون ذلك مما يكون فاقدا لشرطين وهكذا ، وبالأخرة لابد وأن ينتهى الأمر إلى وجود ما يكون بقدر الحاجة.
قلت : ليس الخبر المزكى رواته بعدل واحد مع اشتماله على سائر الشرائط والأوصاف متيقن الاعتبار بالإضافة إلى غيره ، فإنه ليس أولى من غيره مما زكى رواته بعدلين مع كونه فاقدا لبعض القيود الاخر.
وبالجملة : الخبر الواجد لجميع الأوصاف المتقدمة هو الذي يكون متيقن الاعتبار بالإضافة إلى غيره في حال الانسداد ، وما عدا ذلك من سائر أصناف الخبر ليس فيما بينها مما يكون متيقن الاعتبار ، فان احتمال الحجية في الخبر المشتمل على بعض الأوصاف الفاقد لبعضها الآخر ليس أقوى من الخبر