أداء الواقع ، إلا أن نقول : إن العلم مما تناله يد الجعل الشرعي وأن وادى الفراغ والامتثال مما يقبل الحكم المولوي ، فتصح دعوى أنه مع العلم بأداء الواقع للشارع الحكم بفراغ الذمة.
وأمّا المقدمة الثانية : فجعل الطريق في عرض الواقع وأن المكلف مخير بين تحصيل العلم بأداء الواقع وبين العمل بالطريق واضح الفساد ، فان الطريق ليس أمرا مغايرا للواقع وفي عرضه ، بل ليس مفاد جعل الطريق سوى كون مؤداه هو الواقع بالجعل والتعبد الشرعي ، فان معنى كون الشيء طريقا هو أن ما يحكى عنه هو الواقع ، كما تقدم بيان ذلك بما لا مزيد عليه في أول مبحث الظن.
ولقد أجاد الشيخ قدسسره في المقام من قوله : « إن تفريغ الذمة عما اشتغلت به ، إما بفعل نفس ما أراده الشارع في ضمن الأوامر الواقعية (١)
________________________
١ ـ أقول : لو كان هم العقل في ظرف الاشتغال تحصيل اليقين بالفراغ وجدانا أو تنزيلا المساوق لتحصيل الحجة على الفراغ بحيث كان تحصيل الحجة على الفراغ في عرض تحصيل اليقين بالفراغ الواقعي لا في عرض نفس الفراغ الواقعي لأن تتميم كشفه وتنزيل يقينه في عرض اليقين بالواقع لا في عرض الواقع ، فمع التمكن من تحصيل اليقين أو اليقيني يتعين ذلك ، ومع عدم التمكن ينتهى النوبة إلى تحصيل الظن بالفراغ اليقيني الذي هو في عرض اليقين بالفراغ ، وذلك منحصر بالظن بحجية شيء ، ولا يكاد أن يتحقق بالظن بأداء الواقع محضا بلا ظن حجيته ، وعمدة النكتة في ذلك : هو أن الفراغ اليقيني ينتزع من تنزيل اليقين وتتميم الكشف المساوق لحجية شيء ، وهو في عرض العلم بالواقع ، وكلاهما في طول الفراغ الواقعي ، كما أشرنا إليه.
وما قيل : بأن مفاد دليل الحجية إثبات الهوهوية ـ فهو مع أنه يناسب لكون المفاد تنزيل المؤدى لا تنزيل اليقين به ـ نقول : إنه بالنسبة إلى أداء الواقع لا يضر بالطولية المزبورة ، لأن هذه الهوهوية هو هوية تنزيلية ثابتة في ظرف الجهل بالواقع ، لا في ظرف نفس الواقع ، ولذا كانت حكومتها على الواقع حكومة ظاهرية ، ولازمه ثبوت اليقينية التنزيلية في ظرف الجهل به.
نعم : ما أفيد من نفي العرضية مع الواقع متين ، لكن لا بهذا البيان ، كما لا يخفى.
وحينئذ لا مجال لورود هذه البيانات على المحقق المزبور ، بل التحقيق في جوابه أن يقال : إن التنزل إلى الظن بالفراغ ، ليس من باب صرف كونه ظنا به يكتفى العقل به في ظرف الاشتغال ، بل إنما هو من جهة