أمّا المقدمة الأولى : فقوله : « الواجب علينا أولا تحصيل العلم بتفريغ الذمة في حكم المكلف » مما لا محصل له (١) فان باب الامتثال وفراغ الذمة ليس مما يقبل الجعل الشرعي والحكم بأنه حصل الامتثال وفرغت الذمة أو لم يحصل ولم تفرغ الذمة ، فان حصول الامتثال وفراغ الذمة يدور مدار فعل متعلقات الأوامر وترك متعلقات النواهي ، وهذا أمر واقعي غير قابل للجعل الشرعي ، وأي معنى لحكم الشارع بأنه فرغت ذمتك أيها المكلف من التكاليف؟ فدعوى : أن اللازم على المكلف تحصيل العلم بأن الشارع قد حكم بفراغ ذمته من التكاليف غريبة (٢).
وأغرب من ذلك أنه جعل المناط في الامتثال ذلك مطلقا حتى مع العلم بأداء الوقع ـ كما يقتضيه ظاهر كلامه ـ مع أنه لقائل أن يقول : إنه في صورة العلم بأداء الواقع ، هل يكون حكم من الشارع بفراغ الذمة؟ وهل يحتاج المكلف إلى تحصيل العلم بحكمه ذلك بعد العلم بفعل متعلق التكليف الواقعي؟ وأي أثر يترتب على حكمه بذلك مع أن إجزاء المأتى به عن الأمور الواقعي قهري لا يمكن أن يكون حكم شرعي في مورده؟.
وبالجملة : لم يظهر لنا معنى محصلا (٣) لقوله : « إن الواجب علينا هو العلم بتفريغ الذمة في حكم المكلف » ولو مع انسداد باب العلم وعدم التمكن من تحصيل العلم بأداء الواقع ، فضلا عن صورة انفتاح باب العلم والتمكن من
________________________
١ ـ أقول : هذا الإشكال مبنى على كون مراده من حكم الشارع حكما مولويا ، وإلا فلو كان إرشاديا فلا يرد عليه الإشكال.
٢ ـ أقول : ذلك صحيح لو كان المراد الفراغ الواقعي ، وإلا فلو كان مورد إلزام العقل الفراغ اليقيني المستتبع لحكم الشرع به إرشادا أيضا ، فلا محيص عند التنزل إلى الظن من تحصيل الظن بالفراغ المتيقن أو بحكم المتيقن ، وحيث لم يكن الأول فلا محيص من تحصيل الثاني ، وهو منحصر بالظن بالحجية ، لا الظن بأداء الواقع.
٣ ـ أقول : لو تأملت فيما ذكرنا في الحاشية ، ترى كونه معنا وجيها وقابلا لأخذ النتيجة منه.