جعل الحجية إذ يبقى لها مورد ، وهو ما إذا كان الأثر مترتبا على نفس المودى بلا دخل للعلم فيه ، ولكن مع ذلك الملازمة العرفية تقتضي تنزيل أحد العلمين منزلة الآخر.
هذا حاصل ما أفاده في « الحاشية » ورده في « الكفاية » بما حاصله :
ان ذلك يستلزم الدور المحال (١) فان تنزيل المؤدى منزلة الواقع فيما كان للعلم دخل لا يمكن إلا بعد تحقق العلم في عرض ذلك التنزيل ، فإنه ليس للواقع أثر يصح بلحاظه التنزيل ، بل الأثر مترتب على الواقع والعلم به ، والمفروض أن العلم بالمؤدى يتحقق بعد تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، فيكون التنزيل موقوفا على العلم والعلم موقوفا على التنزيل ، وهذا دور محال ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك : أنه لا ينحصر الإشكال على ما أفاده في « الحاشية » بالدور ، بل مضافا إلى الدور يرد عليه :
أولا : ان ذلك مبنى على أن يكون المجعول في باب الطرق والأمارات هو المؤدى ، وقد تقدم فساده وأن جعل المؤدى يوجب التصويب (٢) ويقتضي أن تكون الحكومة واقعية لا ظاهرية ، وهذا ينافي ما عليه المخطئة ، وسيأتي أيضا تفصيل ذلك ( إن شاء الله تعالى ) في باب جعل الطرق والأمارات.
وثانيا : ان المفروض أن الموضوع مركب من العلم ومتعلقه ، و
________________________
(١) أقول : عمدة الإشكال فيما أفيد في دعوى الملازمة العرفية ، وإلا فمع الالتزام به فإنما يرد إشكال الدور على فرض الاحتياج في صحة التنزيل إلى فعلية الأثر للجزء الآخر ، وإلا فلو قلنا بأن أثر الجزئية هي القضية التعليقية من أنه لو انضم إليه الجزء الآخر ليجب فعلا وأنه يكفي لصحة التنزيل هذا المقدار الناشئ من جعله جزء ، فلا دور ، لعدم توقفه على فعلية الجزء الآخر.
(٢) أقول : لو كان نتيجة جعل المودى منزلة الواقع حكما مستقلا عن إرادة مستقلة لا يلزم تصويب ، بل غاية الأمر جعل حكم ظاهري في طول الواقع ، كما سيأتي بيانه ( إن شاء الله تعالى ) فضلا عن أن يكون نتيجته جعل حكم طريقي ـ الذي عبارة عن حكم وخطاب ظاهري ـ مبرز للإرادة الواقعية ، بل الحكم الواقعي أيضا ، لأنه تتم مع إرادته ، كما هو الشأن في جميع الخطابات الايجابية الظاهرية وغيرها ، كما سيجيء شرحها في بحث الظن ( إن شاء الله ) فتدبر.