فانّ الامتثال الظني عبارة عن الإتيان بالمحتملات بمقدار يحصل معه الظن بالفراغ والخروج عن عهدة ما اشتغلت الذمة به من التكاليف ، كما في باب قضاء الفوائت اليومية ، فإنه عند العلم بفوات جملة من الفرائض اليومية مع عدم العلم بعددها يجب على المكلف أولا تكرار قضاء الصلوات بمقدار يحصل معه العلم بالفراغ ، ولو تعذر ذلك عليه أو تعسر يجب عليه التكرار بمقدار يحصل معه الظن بالفراغ ، وهذا المعنى من الامتثال الظني أجنبي عن وجوب العمل بالمظنونات في مقابل المشكوكات والموهومات كما هو المقصود في المقام ، فإنه ـ مضافا إلى أن الإتيان بالمظنون لا يكاد يحصل الامتثال الظني مع ترك الاحتياط في المشكوكات والاقتصار على فعل المظنونات فان المشكوكات مع المظنونات سيان في كونهما من أطراف العلم الإجمالي ـ مجرد تعلق الظن بالتكاليف في جملة من الوقايع المشتبهة لا يلازم الظن بانحصار التكاليف في المظنونات ليحصل الامتثال الظني بالعمل بالمظنونات ، فالامتثال الظني لا يحصل إلا بالاحتياط في المشكوكات أيضا ، ولو فرض قيام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط في المشكوكات ـ كما هو المدعى ـ والاقتصار في الاحتياط بالعمل بالمظنونات ، فمعناه كفاية الامتثال الاحتمالي.
والحاصل : أن الامتثال الظني إنما يحصل بفعل ما يحصل معه الظن بالفراغ بتكرار العمل في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي مقدارا يوجب الظن بالامتثال والخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالإجمال ، كما في تكرار الصلاة عند الجهل بالقبلة أو بعدد الفوائت ونحو ذلك ، فلو أريد حصول الامتثال الظني في المقام فلابد من الاحتياط في المظنونات والمشكوكات ، وإلا لا يكاد يحصل
________________________
إذ ليس هم العقل حينئذ تحصيل الظن بالفراغ ، كي يحتاج إلى حصر التكليف في دائرة الظنون ، بل تمام همه حصر مثبت التكليف بالظنون ويرجع في غيره إلى البراءة ، ويكفي في إثبات هذا المقدار حكم العقل بالأخذ بمقدار خروجه عن محذور الخروج من الدين ، وبمقتضى المقدمة الرابعة يتعين في الظن بلا احتياج إلى ضم المشكوك.