الخالية عنها موارد للأصول ، ومرجع هذا إلى دعوى الإجماع على حجية الظن بعد الانسداد » انتهى (١).
وهذا الكلام وإن لم يكن منه قدسسره بل هو لبعض الأعاظم من تلامذته وهو السيد الكبير الشيرازي قدسسره إلا أن المحكى أن ذلك كان برضى من الشيخ قدسسره وإمضائه. والمقصود من تبديل الجواب عن « إن قلت » إلى ذلك ، هو أن قيام الإجماع على جواز الرجوع في المشكوكات إلى الأصول النافية يكشف لا محالة عن جعل الشارع حجة كافية لينحل ببركتها العلم الإجمالي في الوقايع المشتبهة لتجري الأصول النافية للتكليف في المشكوكات ، فان مجرد الترخيص في المشكوكات لا يكفي في اعتبار الأصول النافية ما لم يثبت التكليف في المظنونات ، وثبوته فيها إنما يكون بجعل الظن حجة محرزا للتكاليف الواقعية المعلومة بالإجمال في الوقايع المشتبهة ، فمرجع الإجماع على الرجوع إلى الأصول النافية في المشكوكات إلى الإجماع على جعل الشارع حجية الظن ليثبت به التكليف في المظنونات ، فتجري الأصول النافية في المشكوكات.
وبذلك يظهر : أن استكشاف حجية الظن إنما يكون بأحد وجهين :
________________________
١ ـ أقول : يا ليت لم يضرب الكلام الأول ولم ينتهى الأمر إلى الجواب الثاني ، كيف! وقد تقدم وجه الجواب المضروب خال عما أورد عليه ، كما أن الجواب الثاني الذي هو منسوب إلى بعض الأعاظم من تلامذته أيضا مخدوش بان قيام الإجماع على الترخيص في المشكوكات إذا كان قطعيا إنما يلازم جعل البدل أو الانحلال ـ بناء على المختار من علية العلم الاجمالي للتنجيز ـ وإلا فبناء على مختارك من الاقتضاء ـ الذي تنسبه إلى بعض الأعاظم أيضا ـ فلا يقتضي الترخيص المزبور لجعل البدل ولا الانحلال ، إذ لازمه جواز الترخيص في أحد طرفي العلم ولو بلا معارض ، وحينئذ من أين يكشف عن وجود حجة كافية في البين كي ينتهى إلى الظن؟.
ثم إن هذا أيضا إذا كان الإجماع قطعيا ، وإلا فلو كان ظنيا فلا شبهة في أنه توجب الظن بالترخيص ، فعلى فرض الملازمة يوجب ذلك الظن بوجود حجة كافية ، وبمثل هذا الظن لا مجال لرفع اليد عن تأثير العلم الإجمالي ، لأن الظن بالانحلال لا يوجب الانحلال ، وحينئذ كيف يصير النتجية حجية الظن بمقدار الكفاية؟ فتدبر فيما قلت ، ولا يغرنك صدور الكلام ممن لا يستأهل رده ، لان الجواد قد يكبو والإنسان قد يساوق السهو والنسيان.