والمشكوكات ما لفظه : ( اللهم إلا ان يدعى قيام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط في المشكوكات أيضا ، وحاصله : دعوى أن الشارع لا يريد الامتثال العلمي الإجمالي في التكاليف الواقعية المشتبهة بين الوقايع ، فيكون حاصل دعوى الإجماع دعوى انعقاده على أنه لا يجب شرعا الإطاعة العلمية الإجمالية في الوقايع المشتبهة مطلقا ، لا في الكل ولا في البعض ، وحينئذ يتعين الانتقال إلى الإطاعة الظنية.
لكن الإنصاف : أن دعواه مشكلة جدا وإن كان تحققه مظنونا بالظن القوى ، لكنه لا ينفع ما لم تنته إلى حد العلم ».
ثم عقب ذلك بقوله : « فان قلت : إذا ظن بعدم وجوب الاحتياط في المشكوكات فقد ظن بأن المرجع في كل مورد منها إلى ما يقتضيه الأصل الجاري في ذلك المورد ، فتصير الأصول مظنونة الاعتبار في المسائل المشكوكة ، فالمظنون في تلك المسائل عدم وجوب الواقع فيها على المكلف وكفاية الرجوع إلى الأصول ، وسيجيء أنه لا فرق في الظن الثابت حجيته بدليل الانسداد بين الظن المتعلق بالواقع وبين الظن المتعلق بكون الشيء طريقا إلى الواقع وكون العمل به مجزيا عن الواقع وبدلا عنه ولو تخلف عن الواقع ».
ثم أجاب عن قوله : « إن قلت » بقوله : « قلت : مسألة حجية الظن بالطريق موقوف على هذه المسألة الخ ».
وحاصل ما أفاده في الجواب عن ذلك بقوله : « قلت » على طوله يرجع إلى أن نتيجة مقدمات الانسداد وإن كانت أعم من الظن بالواقع والظن بالطريق ، إلا أن ذلك فرع سلامة المقدمات ووصول النوبة إلى أخذ النتيجة ، والكلام بعد في سلامة المقدمة الثالثة ، فإنه لم يثبت بطلان الاحتياط رأسا في جميع الوقايع لينتقل إلى المقدمة الرابعة ، لتكون النتيجة اعتبار الظن مطلقا سواء تعلق بالواقع أو بالطريق.