كلّ منهما أن يكون الإخبار عن حس ، غايته أنه لو كان المخبر به من الأحكام الشرعية وما يلحق بها من الموضوعات التي ينبغي أن تتلقى من الشارع كان داخلا في باب الخبر الواحد ويندرج في أدلة حجيته ، ولو كان المخبر به موضوعا من الموضوعات الخارجية كان داخلا في باب الشهادة ويندرج في أدلة حجيتها ، كقوله عليهالسلام في ذيل رواية ابن صدقة : « والأشياء كلها على ذلك حتى تستبين أو تقوم بها البينة » (١).
وقد قيل : بعموم حجية الخبر الواحد للموضوعات أيضا. وفيه نظر ، وبيانه موكول إلى محله.
وعلى كل حال : لا إشكال في أنه يعتبر في كل من الشهادة وخبر الواحد أن يكون الإخبار عن حس (٢) وبذلك يفترقان عن قول أهل الخبرة ، لأن إخبارهم ليس عن حس بل عن حدس ورأى واجتهاد ، ولذا قلنا : لا يعتبر في حجية قول أهل الخبرة ما يعتبر في حجية الخبر الواحد والشهادة من الشرائط ، كما تقدم.
* * *
________________________
حسية ـ نظرا إلى نص كلام السيد وإحراز عدالته بوجدانه أو بالشياع الملازم له عادة بضميمة إحراز عدم خطائه أيضا بمبادئ حسية من الملازمات العادية بين التفاته وعدم خطائه بوجه ـ تقبل ذلك أيضا ، لأنه من الحدس القريب بالحس ، كما أنه لو لم يحرز الواقع بوجدانه بل أحرزه بدليل التعبد الشامل له بمقدمات وجدانية حسية من حيث دلالة دليل التعبد من نصيته وسنده من جزمه بمطابقته للواقع بمبادئ حسية ـ كما أشرنا ـ فهو أيضا إخبار عن حدس تعبدي مستند إلى الحس.
وعليه : فلنا أن ندعي : أن كل من يدعى الإجماع أو الاتفاق الظاهر في اتفاق من يصلح أن يكون الإمام فيهم ويحتمل في حقهم حسية هذا المخبر به لهم أو حدسيته القريبة إلى الحس ، فلا بأس بالأخذ بمثل هذا الخبر ، كما هو الشأن في بنائهم على الأخذ بخبر من يخبر بمضمون خبر غيره بمحض سماعه عن غيره ، كإخباره بموت زيد أخبره غيره بموته من دون تشكيك فيه بحدسية خبره غالبا ، فهكذا ما نحن فيه ، فتدبر.
١ ـ الوسائل : الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٤.
٢ ـ أقول : أو حدس قريب بالحس ، كما أشرنا إليه سابقاً.