وتبيّن عدم الضرر ، لأنه لم يتحقق ما هو الموضوع لحكم العقل بالقبح ليستتبع الحكم الشرعي بالحرمة حتى يكون السفر معصية يجب فيه إتمام الصلاة ، بل غايته أن يكون سلوك الطريق من التجري ، فتسالم الأصحاب على هذه الفتوى لا ينطبق إلا بالحاق باب الضرر بباب التشريع ، من حيث كون الموضوع لحكم العقل بالقبح مطلق ما لا يأمن ، فتأمل جيدا.
تتمة :
قد عرفت : أن الأصل عند الشك في حجية كل أمارة يقتضي حرمة التعبد بها والالتزام بمؤداها بمقتضى الأدلة المتقدمة.
وقد يقرر الأصل بوجه آخر ، وهو استصحاب عدم الحجية ، لأن حجية الأمارة من الحوادث وكل حادث مسبوق بالعدم.
وقد منع الشيخ قدسسره عن جريان استصحاب عدم الحجية ، وأفاد في وجهه بما حاصله : أنه لا يترتب على مقتضى الاستصحاب أثر عملي ، فإنه يكفي في حرمة العمل والتعبد نفس الشك في الحجية ، ولا يحتاج إلى إحراز عدم ورود التعبد بالأمارة حتى يجرى استصحاب العدم ، فان الاستصحاب إنما يجرى فيما إذا كان لا أثر مترتبا على الواقع المشكوك فيه ، لا على نفس الشك. هذا حاصل ما افاده الشيخ قدسسره في وجه المنع عن جريان استصحاب عدم الحجية.
ورده المحقق الخراساني قدسسره بما حاصله : أن الحاجة إلى الأثر في جريان الأصل إنما هو في الأصول الجارية في الشبهات الموضوعية ، وأما الأصول الجارية في الشبهات الحكمية فلا يتوقف جريانها على أن يكون في البين أثر عملي ما وراء المؤدى ، بل يكفي في صحة جريان الأصل ثبوت نفس المؤدى ـ من بقاء الحكم في الاستصحابات الوجودية وعدمه في الاستصحابات العدمية ـ بداهة أن وجوب الشيء أو عدم وجوبه بنفسه من الآثار التي يصح جريان