ولجأوا الى الافتراء فقالوا : « ان هذا الا سحر يؤثر » (١).
القرآن اكبر معجزة باقية الى الان في جميع الأصقاع والبلدان ، معجزة من الوجهة التاريخية ، معجزة من جهة الاحتجاج ، معجزة من وجهة التشريع العادل ونظام المدنية ، معجزة من وجهة الاستقامة والسلامة من الاختلاف والتناقض ، معجزة من الوجهة الاخلاقية ، معجزة في اخباره عن المغيبات ، معجزة من الوجهة العلمية (٢).
فان الفلكي لما يتلو قوله تعالى « الم نجعل الأرض مهادا » (٣) أو قوله تعالى « وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمرمر السحاب » (٤) يتعجب كيف قال القرآن العظيم بتحرك الأرض ودورانها على نفسها منذ أربعة عشر قرنا تقريبا بينما كانت الهيئة البطلميوسية قائلة بسكون الأرض ودوران الأجرام. وكذلك المجسطي المرجع الوحيد والمعول عليه في تعليم الهيئة والفلك قبل ذهاب غاليلة وكبرنيك واضرابهما الى ذلك الرأي بقرون واجيال ، وقد حبس غاليلة في أروبا لقوله بتحرك الأرض وحكم البابا بكفره لقوله بذلك وان زعمه ينافي العهدين القديم والجديد.
هذا في أرقى ممالك ذلك العصر ، أعني المملكتين الشرقية والغربية ( الفرس والروم ) ، واما الجزيرة العربية فلم تعرف حتى هذه الفلسفة ولاعلمت حتى هذه النظرية ولاسمعت اسم بطلميوس ولا جالينوس ولا أفلاطون وارسطاطاليس ، ولاعرفت من الظواهر الطبيعية الا أن الحر في الصيف شديد وفي الشتاء تقل حرارة الهواء ، يغزو أهلها بعضهم بعضا ويقتل ويسلب بعضهم بعضا ، يؤودون البنات ويأكلون
__________________
١) سورة المدثر : ٢٤.
٢) راجع لتفصيل البحث الى مقدمات آلاء الرحمن فى تفسير القرآن.
٣) سورة النبأ : ٦.
٤) سورة النمل : ٨٨.