للقيام مقامه بعد وفاته لو عاش هارون بعده ، وذلك لأنّه كان خليفةً لموسى في حياته ، بدليل قوله : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (١). لا معنى للخلافة إلاّ القيام مقام المستخلف فيما كان له من التصرّفات ، فوجب أن يكون خليفةً له بعد موته على تقدير بقائه ، وإلاّ كان عزله موجباً لنقصه والنفرة عنه ، وذلك غير جائز على الأنبياء ، إلاّ أنّ ذلك القيام مقام موسى كان له بحكم المنزلة في النبوة ، وانتفى هاهنا بدليل الإستثناء.
قال الآمدي : الوجه الثاني من وجهي الإستدلال بهذا الحديث هو : إنّ من جملة منازل هارون بالنسبة إلى موسى أنه كان شريكاً له في الرسالة ، ومن لوازمه إستحقاق الطاعة بعد وفاة موسى لو بقي ، فوجب أنْ يثبت ذلك لعلي ، إلاّ أنه امتنع الشركة في الرسالة ، فوجب أن يبقى مفترض الطاعة على الامّة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، عملاً بالدليل بأقصى ما يمكن » (٢).
وبعد ، فلقد كان على ( الدهلوي ) ـ بعد أن أورد الوجه الذي أورده ـ أنْ يبيّن موضع التشويش والإضطراب فيه ، وأن يبيّن السّبب في عدم ذكر الوجه الأول معه ، والسبب في ترجيح هذا الوجه على ذاك في الذكر ، والسّبب في عدم ذكره إياه في المتن ومرجوحيته التي اقتضت إيراده في الحاشية ... ولكنه اكتفى بقوله : « ولا يخفى ما فيه » ، وهل هذا كاف؟!
قوله :
ومع ذلك ، ففي هذا التمسّك اختلال من وجوه كثيرة.
أقول :
لم يذكر من هذه الوجوه الكثيرة!! إلاّثلاثة وجوه شحنها بالهفوات العظيمة العثار ، والعثرات البادية العوار ... والله الموفّق للهداية والإستبصار.
__________________
(١) شرح المواقف ٨ / ٢٦٢.