(ومنها) قوله تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) اى ما يجتنبون به من الافعال والتروك وظاهرها انه تعالى لا يخذلهم بعد هدايتهم الى الاسلام الا (بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ) وعن الكافى وتفسير العياشى وكتاب التوحيد حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه (وفيه) ما تقدم فى الآية السابقة مع ان دلالتها اضعف من حيث ان توقف الخذلان على البيان غير ظاهر الاستلزام للمطلب المهم الا بالفحوى.
(اقول) هذه الآية الشريفة مع نظائرها مورد بحث واشكال من جهة نسبة الهداية والاضلال الى الله تعالى فليرجع الى التفاسير والاخبار الواردة فى تفسيرها وتوجيهها عن المعصومين عليهمالسلام ومع قطع النظر عن الاشكال المذكور يرد فى هذه الآية اشكال آخر من جهة اشتمالها على الحكم بالاضلال مع البيان بعد الهداية مع انه لا يعقل الضلال بعد هداية الله تعالى سيما الضلال من قبل الله تعالى مع ان الهداية تحصل بالبيان فكيف يكون بعدها.
(قيل) فى دفع هذا الاشكال ان الهداية فيها بمعنى إراءة الطريق لا الايصال الى المطلوب والاضلال بمعنى الخذلان وهو بكسر الخاء ترك العون والنصر وكذلك الخذل يقال خذله خذلا اذا ترك عونه ونصرته ومنه قوله تعالى (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ).
(فيكون المعنى) ان الله تعالى لا يدخل قوما فى الضلالة والمعصية بعد اذ هداهم التوحيد والاسلام حتى يبين لهم المعاصى وموجبات الضلالة اى لا يكون فيما يدخلون فيه قبل البيان ضلالة ومعصية فلا يكون حراما.
(وقال) فى مجمع البيان وما كان الله ليحكم بضلالة قوم بعد ما حكم بهدايتهم حتى يبين لهم ما يتقون من الامر بالطاعة والنهى عن المعصية فلا يتقون فعند ذلك يحكم بضلالتهم.
(وقيل) وما كان الله ليعذب قوما فيضلهم عن الثواب والكرامة وطريق الجنة بعد اذ هديهم ودعاهم الى الايمان حتى يبين لهم ما يستحقون به الثواب والعقاب من