(ومن هنا) تبين ان استدلال بعض من اعترف بما ذكرنا من عدم اعتبار الاستصحاب من باب الظن وعدم اثباته الا اللوازم الشرعية فى هذا المقام باستصحاب البراءة منظور فيه نعم من قال باعتباره من باب الظن او انه يثبت بالاستصحاب من باب التعبد كلما لا ينفك عن المستصحب لو كان معلوم البقاء ولو لم يكن من اللوازم الشرعية فلا بأس بتمسكه به مع انه يمكن النظر فيه بناء على ما سيجىء من اشتراط العلم ببقاء الموضوع فى الاستصحاب وموضوع البراءة فى السابق ومناطها هو الصغير الغير القابل للتكليف فانسحابها فى القابل اشبه بالقياس من الاستصحاب فتأمل (وبالجملة) فأصل البراءة اظهر عند القائلين بها والمنكرين لها من ان يحتاج الى الاستصحاب.
(اقول) انه قد سبقت الاشارة منه قدسسره الى عدم اعتبار الاستصحاب من باب الظن ليدخل اصل البراءة بذلك فى الامارات الدالة على الحكم الواقعى دون الاصول المثبتة للاحكام الظاهرية.
(بل اعتباره) من باب الاخبار والتعبد ومن هنا تبيّن ان استدلال صاحب الفصول معترفا بأن اعتبار الاستصحاب من باب التعبد والاخبار وعدم اثباته الّا اللوازم الشرعية باستصحاب البراءة منظور فيه لان الثابت بالاستصحاب بناء على التعبد كما يأتى فى محله ترتب اللوازم المجعولة الشرعية على المستصحب والمستصحب هنا ليس إلّا براءة الذمة من التكليف وعدم المنع من الفعل وعدم استحقاق العقاب عليه والمطلوب فى الآن اللاحق هو القطع بعدم ترتب العقاب على الفعل او ما يستلزم ذلك اذ لو لم يقطع بالعدم واحتمل العقاب احتاج الى انضمام حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان حتى يأمن العقل عن العقاب ومعه لا حاجة الى الاستصحاب وملاحظة الحالة السابقة.
(نعم) من قال باعتبار الاستصحاب من باب الظن أو انه يثبت به من باب التعبد كلما لا ينفك عن المستصحب لو كان معلوم البقاء ولو لم يكن من اللوازم