(الثالث) لا اشكال فى رجحان الاحتياط عقلا ونقلا كما يستفاد من الاخبار المذكورة وغيرها وهل الاوامر الشرعية للاستحباب فيثاب عليه وان لم يحصل به الاجتناب عن الحرام الواقعى أو غيرى بمعنى كونه مطلوبا لاجل التحرز عن الهلكة المحتملة والاطمينان بعدم وقوعه فيها فيكون الامر به ارشاديا لا يترتب على موافقته ومخالفته سوى الخاصية المترتبة على الفعل او الترك نظير اوامر الطبيب ونظير الامر بالاشهاد عند المعاملة لئلا يقع التنازع وجهان من ظاهر الامر بعد فرض عدم ارادة الوجوب ومن سياق جلّ الاخبار الواردة فى ذلك فان الظاهر كونها مؤكدة لحكم العقل بالاحتياط والظاهر ان حكم العقل بالاحتياط من حيث هو احتياط على تقدير كونه الزاميا لمحض الاطمينان لدفع احتمال العقاب وكما اذا تيقن بالضرر يكون الزام العقل لمحض الفرار عن العقاب المتيقن فكذلك طلبه الغير الالزامى اذا احتمل الضرر بل وكما ان امر الشارع بالاطاعة فى قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) لمحض الارشاد لئلا يقع العبد فى عقاب المعصية ويفوته ثواب الطاعة ولا يترتب على مخالفته سوى ذلك فكذلك امر بالاخذ بما يأمن معه من الضرر لا يترتب على موافقته سوى الامان المذكور ولا على مخالفته سوى الوقوع فى الحرام الواقعى على تقدير تحققه ويشهد لما ذكرنا ان ظاهر الاخبار حصر حكمة الاجتناب عن الشبهة فى التفصى عن الهلكة الواقعية لئلا يقع فيها من حيث لا يعلم واقترانه مع الاجتناب عن الحرام المعلوم فى كونه ورعا.
(ملخص التنبيه الثالث) من تنبيهات الشبهة التحريمية الحكمية ان رجحان الاحتياط مما لا اشكال فيه عقلا سواء كانت الشبهة تحريمية أو وجوبية وحكمية أو موضوعية لاحتمال وجود الواقع فيها ولا ريب ان حفظ الواقع مهما أمكن ولو مع الامن من العقاب راجح عقلا(واما رجحانه) شرعا فلكثير من الاخبار المتقدمة الآمرة بالتوقف أو الاحتياط ممّا كان ظاهره الاستحباب والرجحان دون الحتم والالزام.