(اقول) المراد بالدليل المصحح للتكليف حتى لا يلزم التكليف بما لا طريق للمكلف الى العلم به هو ما تيسر للمكلف الوصول اليه والاستفادة منه فلا فرق بين ما لم يكن فى الواقع دليل شأنى أصلا او كان ولم يتمكن المكلف من الوصول اليه او يمكن لكن بمشقة رافعة للتكليف او تيسر ولم يتم دلالته فى نظر المستدل فان الحكم الفعلى فى جميع هذه الصور قبيح على ما صرح به المحقق قدسسره فى كلامه السابق سواء قلنا بان وراء الحكم الفعلى حكما آخر يسمى حكميا واقعيا او حكما شأنيا على ما هو مقتضى مذهب المخطئة ام قلنا بأنه ليس ورائه حكم آخر للاتفاق على ان مناط الثواب والعقاب ومدار التكليف هو الحكم الفعلى وحينئذ فكلما تتبع المستنبط فى الادلة الشرعية فى نظره الى ان علم من نفسه عدم تكليفه بازيد من هذا المقدار من التتبع ولم يجد فيها ما يدل على حكم مخالف للاصل صحّ له دعوى القطع بانتفاء الحكم الفعلى ولا فرق فى ذلك بين العام البلوى وغيره ولا بين العامة والخاصة ولا بين المخطئة والمصوبة ولا بين المجتهدين والاخباريين ولا بين احكام الشرع وغيرها من احكام ساير الشرائع وساير الموالى بالنسبة الى عبيدهم هذا بالنسبة الى الحكم الفعلى واما بالنسبة الى الحكم الواقعى النازل به جبرئيل عليهالسلام على النبى صلىاللهعليهوآله لو سميّناه حكما بالنسبة الى الكل فلا يجوز الاستدلال على نفيه بما ذكره المحقق من لزوم التكليف بما لا طريق للمكلف الى العلم به لان المفروض عدم اناطة التكليف به.
(محصل الكلام) ان المحقق ان كان فى مقام اثبات البراءة الفعلية فلا وجه للتفصيل المذكور والحال انها يتوقف على عدم الدليل على ثبوت التكليف فاذا تفحص المكلف ولم يجد الدليل عليه فهو علّة تامة لعدم ثبوت التكليف الفعلى بحكم العقل من غير فرق بين العام البلوى وغيره بل مجرد عدم العلم بالبيان يوجب تقييده لقاعدة القبح بلا بيان.
(وان كان) فى مقام اثبات البراءة الواقعية فهو ليس ببعيد بداهة انها انما تثبت فيما يعم به البلوى فاذا المكلف بعد الفحص وعدم وجدانه كان مطمئنا بعدمه