وكان الوليد هذا مهملا لأمره قليل العناية بأطرافه ، وكان صاحب ملاه وقيان ، وإظهار للقتل والجور ، وتشاغل عن امور الناس بشرب ومجون ، فبلغ من مجونه أنّه أراد أن يبني على الكعبة بيتا يجلس فيه للهو ، ووجّه مهندسا لذلك (١) مجوسيا ليبني له على الكعبة مشربة للخمر ، وأراد أن ينصب قبّة ديباج على الكعبة ويجلس فيها ومعه الخمر ، فخوّفه أصحابه من ثورة الناس فامتنع (٢).
ب ـ ولذلك فهم ـ كما رأينا ـ كانوا يريدون القضاء على هذا الدّين ودفنه نهائيّا ، وذلك لأنّه كان يقف في وجه شهواتهم ومآربهم ويضرّ بمصالحهم.
ج ـ وبالتصوير المشوّه للرّسول الكريم صلىاللهعليهوآله والإسلام العظيم كانوا يحاولون تبرير كلّ انحرافات وسخافات الجهاز الحاكم ، والتقليل من فضاعتها وبشاعتها في أعين الناس ، وذلك برفع الفوارق الكبيرة بين مواقفهم ومواقف النبيّ الاعظم صلىاللهعليهوآله.
أمّا ما يمثّل لنا شخصية الرسول الكريم المستهدفة للامويين فلنذكر منه نماذج :
١ ـ نسمع الكميت بن زيد الأسدي يمدح الرسول الكريم فيقول في قصيدته البائيّة :
إلى السراج المنير أحمد ، لا |
|
يعدلني عنه رغبة ولا رهب |
عنه إلى غيره ، ولو رفع النا |
|
س إليّ العيون وارتقبوا |
وقيل : افرطت. بل قصدت ولو |
|
عنّفني القائلون ، أو ثلبوا! |
إليك يا خير من تضمّنت الأر |
|
ض وإن عاب قولي العيب |
لجّ بتفضيلك اللسان ولو |
|
اكثر فيك الضجاج واللجب |
__________________
(١) اليعقوبي ٣ : ٧٥.
(٢) عن الأغاني والطبري في بهج الصباغة ٥ : ٣٤٠.