فلمّا عتت قريش على الله عزوجل وردّوا عليه ما أرادهم به من الكرامة ، وكذّبوا نبيّه ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ ، وعذّبوا ونفوا من عبده ووحّده وصدّق نبيّه واعتصم بدينه ، أذن الله عزوجل لرسوله في (أخذ البيعة) للقتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم ...
لما أذن الله تعالى له في (أخذ البيعة) للحرب ، وبايعه هذا الحيّ من الأنصار على الاسلام والنصرة له ولمن تبعه وأوى إليهم من المسلمين ، أمر رسول الله أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكّة من المسلمين بالخروج الى المدينة والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار ، وقال لهم : ان الله عزوجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها.
فخرجوا أرسالا (جمعا فجمعا). وأقام رسول الله بمكّة ينتظر أن يأذن له ربّه في الخروج من مكّة والهجرة الى المدينة. فكان أول من هاجر إلى المدينة أبوسلمة عبدالله بن عبدالاسد المخزومي بعد عودته من الهجرة الاُولى الى الحبشة ، لما بلغه اسلام من أسلم من الأنصار خرج مهاجراً الى المدينة قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة. (١).
المهاجرون بعد أبي سلمة :
ثمّ قدم المدينة من المهاجرين بعد أبي سلمة : عامر بن ربيعة ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة.
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة٢ : ١١٠ ، ١١١. ومن المقارنة بين عبارة ابن شهرآشوب وابن اسحاق يبدو أن كلام ابن شهرآشوب انما هو مختصر ما ذكره ابن اسحاق ، من دون اسناد. وقد قدّمنا خبر هجرة أبي سلمة في محلّه بعد إسلام أسعد بن زرارة وإرسال مصعب بن عُمير ، في أخبار أواخر أيام الحصار في شعب أبي طالب عليه السلام.