إسرائيل ، فلمّا كانت أيام معاوية أحبّ أن يدوّن في التأريخ القديم كتاب فاستقدم عبيد بن شرية من صنعاء اليمن فكتب له كتاب أخبار الماضين من ملوك اليمن من العرب البائدة وغيرهم ومنهم الفرس والحبشة (١).
وقد كان المسلمون يحبّون أن يخلّدوا آثار ما يتعلق بسيرة الرسول صلىاللهعليهوآله ، وقد كان هذا يحقّق ما في نفوسهم من تعلّق به ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، ولكنّهم ـ ببالغ الأسف ـ منعوا عن تدوين أحاديثه مخافة أن يختلط الحديث بالقرآن الكريم ـ كما زعموا ـ ، بل منعوا حتّى عن التحديث بحديثه ، حاشا أمير المؤمنين عليا عليهالسلام ، فإنّه لم يشارك في هذا المنع ولم يؤيّده ، بل كما أملى النحو على كاتبه أبي الأسود الدؤلي كتب هو أيضا بعض الكتب في الفقه والحديث ، وأمر كاتبه الراتب عبيد الله بن أبي رافع أن يكتب المهمّ من أقضيته ، وأحكامه في فنون الفقه من الوضوء والصلاة وسائر الأبواب (٢).
وبهذا الموقف من أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبفعل حاجة المسلمين إلى أحاديث نبيّهم ظهر فيهم غير واحد من حملة الأحاديث العلماء الفقهاء ، ولكن حيث استمر هذا المنع رسميّا من قبل الخلفاء بعد علي وابنه الحسن عليهماالسلام إلى أيام عمر بن عبد العزيز ، قام رجال كلّهم محدّثون. لم يدوّنوا في الحديث والفقه شيئا ، ولكنّهم عوّضوا عن كتابة أحاديثه بكتابة شيء من سيرته صلىاللهعليهوآله.
أصول السيرة النبويّة وتطوّرها في القرنين الأول والثاني :
لا شكّ في الأهمية الكبرى الّتي كانت لأقوال النبي صلىاللهعليهوآله وأعماله في حياته ، وأكثر منها بعد وفاته.
__________________
(١) اُنظر مروج الذهب ٢ : ٦٠ ـ ٦٢ و ٢٥١.
(٢) انظر رجال النجاشي : ٤ ـ ٧.