والقلم ، ولم يقل بمثل هذا هناك. بل قبل أن تكون العلق أوّل سورة كاملة (١). وفيها (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى) ... (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) ... (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) أفليست هذه أيضا كتلك الآيات صريحة في سبق أمره بالتقوى وتكذيبهم له واعراضهم عنه؟ ولم يقل مثل ذلك هنا ، والأمر واحد.
السورة الخامسة ـ «الفاتحة» :
فقد قال اليعقوبي : إنّها الفاتحة (٢) والظاهر أنّها هي رواية جابر بن زيد (٣) أمّا خبر ابن عبّاس فلم يعرض للفاتحة. ومرّ ترجيح أن تكون الفاتحة ـ كما هو معنى الفاتحة ـ فاتحة كتاب الله. وقد يوجّه عدم ذكر ابن عبّاس للفاتحة بأنّ العلق فما بعد من القرآن في دور الإعلان والفاتحة كانت نازلة من قبل. وهي السورة الوحيدة ـ في عداد هذه السور الأوائل ـ الّتي ليس فيها ما يقتضي أو يستدعي سبق شيء من القرآن أو الإسلام قبلها.
سادسة السور ـ «المسد» :
سورة تبّت أو أبي لهب أو المسد ، قال القمّي في تفسيرها : إنّ أمّ جميل بنت صخر بن حرب «أبي سفيان» (٤) كانت تنمّ على رسول الله أي تنقل أحاديثه الى الكفّار ، ولمّا اجتمع زوجها أبو لهب مع قريش في «دار الندوة» وبايعهم على قتل محمّد رسول الله ، نزلت السورة (٥) وهذا يعني أنّ السورة نزلت بعد مؤتمر قريش بقتل
__________________
(١) الميزان ٢٠ : ٣٢٢.
(٢) اليعقوبي ٢ : ٣٣.
(٣) التمهيد ١ : ١٠٣ وتلخيصه ١ : ٩٥.
(٤) كذا في القميّ ، وهو غلط ، فهي بنت حرب اخت ابي سفيان كما يأتي عن مجمع البيان.
(٥) تفسير القميّ ٢ : ٤٤٨.