رأسها طبقا وطافت على دور القبيلة فجمعت شيئا من الخبز والتمر وأطعمتها الكلاب ليطيب بنوها. وكان نساء الحيّ يراقبن أبناءهن كيلا يأكلوا شيئا من ذلك الخبز والتمر فيصابوا بذلك الداء. واذا استمرّ مرض أحدهم قالوا انّه قتل حيّة أو غيرها من الجنّ ، وللاعتذار من الجنّ كانوا يصنعون بعيرا من الطين يحمّلونه التمر والحنطة والشعير ويتركونه ببعض شعاب الجبال ، فإذا رأوا الحمل بعد ذلك قد تغيّر شيء منه قالوا انّ الهدية قبلت وسيطيب المريض ، وإلّا قالوا : إنّهم استقلوا الهديّة فلم يقبلوا بها!.
وكانوا إذا دخلوا قرية وخافوا الجنّ أو الطاعون صاحوا في مدخل القرية عشر مرّات بصوت الحمير (النهيق) وقد يعلّقون برقابهم عظم الثعلب! وكانوا اذا ضلّوا في البيداء نزعوا ملابسهم فلبسوها بالمقلوب كي ينقلبوا الى أهلهم! وكانوا عند السفر يربطون خيطا بغصن شجرة أو فرعها ، فإذا رجعوا ووجدوه كما هو اطمأنّوا الى وفاء أزواجهم وعدم خيانتهنّ لهم ، أمّا إذا فقدوه أو وجدوه قد حلّ اتهموا أزواجهم بخيانتهم من ورائهم. وكانوا إذا سقط سنّ من أسنان أطفالهم رموا به الى جهة الشمس وقالوا : أيّتها الشمس اعطينا سنّا أحسن من هذا! وكانت المرأة التي لا يبقى لها أولادها تطأ القتيل سبع مرّات ويرون أنّ ذلك نافع لها ليبقى لها ولدها بعد هذا.
هذه نماذج من الخرافات التي كانت قد خيّمت على محيط حياة العرب في عهد الجاهلية فجعلت منه عهدا مظلما أسود ومنعت عقولهم من الرقيّ والنمو.
المرأة في المجتمع الجاهلي :
كانت المرأة لديهم كسلعة تباع وتشترى ، تماما كالحيوانات ، ولا يورّثونها ، ويرثونها مع التركة ، ولا حدّ لتزويج الرجال منهنّ ، ويعظلوهنّ ليذهبوا ببعض ما آتوهن ـ كما في القرآن الكريم ـ ويتزوّجون بزوجات آبائهم ، ويمنعون أزواجهم اذا طلقوهنّ ان يتزوجن بغيرهم الّا بإذنهن ، ولا يكون ذلك الّا بمال.