التأريخ بعد الإسلام :
ثمّ ظهرت الرسالة المحمّدية بصفتها أعظم حادث في حياة البشر عامّة والعرب خاصّة ، فكان محور تأريخ البشر عامّة والعرب خاصّة ، فما اجتمع ملأ منهم أو تفرّق إلّا وحديثهم عنه ، ولا تحرّكت جيوشهم وكتائبهم إلّا له أو عليه ، حتّى تتوّجت جهوده بمعنى قوله سبحانه (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) فنبذوا ما كانوا فيه من الجاهلية الجهلاء والضّلالة العمياء بهداية القرآن والإسلام.
ويومئذ وبظهور النبيّ صلىاللهعليهوآله وظهور دعوته ، ظهر مورد جديد للتأريخ ، وهي أحاديث الصحابة والتابعين وأهل بيته عليهمالسلام عن ولادته وحياته ، وما قام به صلىاللهعليهوآله من جهاد وجهود في سبيل الله ، واصطدام في ذلك مع المشركين ، ودعوة إلى التوحيد ، وما كان فيها من أثر للسيف والسّنان واللسان والبيان ، وأصبحت هذه هي موادّ التأريخ الجديد بصورة عامّة وسيرة الرّسول بصورة خاصّة.
تدوين السيرة النبويّة وتأريخ الإسلام :
ولم يدوّن في تأريخ الإسلام أو في سيرته صلىاللهعليهوآله شيء ، حتّى مضت أيام الخلفاء ، لم يدوّن في هذه المدّة شيء سوى القرآن الكريم وتقويم إعرابه بمبادئ وقواعد النّحو على يد أبي الأسود الدؤلي بإملاء أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهالسلام ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحفّز المسلمين على كتابة القرآن حرصا على حفظه وصيانته ، كما إنّ تفشي العجمة على ألسنة أبناء العرب على أثر اختلاطهم بغيرهم عند اتساع الرّقعة الإسلامية دفعت أبا الأسود الدؤلي إلى عرض ذلك على علي عليهالسلام فكان ذلك حافزا على تدوين النحو.
وبهذا الاختلاط أيضا تفشّت فيهم أخبار الماضين من ملوك الفرس وبني