العرض بالجوهر خارجا ، إذ على هذا لا تكاد تكون كلمة الاستثناء بمنزلة جملة بحيث يكون «إلّا زيد» بمعنى : جاء زيد ، أو ما جاء زيد ، مع النّفي في مثل : جاءني القوم إلّا زيد ، فلا بدّ بعد فرض الدّلالة من الالتزام بالأوّل ، نعم لو منع من المقدّمتين أو أحدهما أمكن الالتزام بالثّاني ، وأمّا الإشكال في دلالة كلمة التّوحيد على الحصر والجواب عنه فكما كتب في الكفاية.
وممّا يفيد الحصر كلمة «إنّما» بكسر الهمزة لتصريح أهل اللّغة والعربيّة بذلك ، وتبادره منها قطعا عند أهل العرف والمحاورة ، فتكون موضوعة لذلك لأنّ تنصيص أهل اللّغة وتبادر المعنى عندهم من علائم الوضع والحقيقة ، وليس الوجه تركبها من كلمة «أنّ وما» الكافّة كما يتوهّم ، ضرورة أنّ قضيّة هذا أن لا يكون فرق بين قول القائل ، أنّ زيدا جاء ، وبين قوله : إنّما زيدا جاء ، مع وضوح الفرق بينهما في أن المتبادر من الأوّل هو تأكيد إثبات المجيء لزيد ، ومن الثّاني تخصيصه وحصره حقيقيّا أو إضافيّا باختلاف الموارد به.
وممّا ذكرنا ظهر ضعف ما قيل من أنّه لا سبيل لنا إلى ذلك ، فإنّ موارد استعمال هذه اللّفظة مختلفة ، ولا يعلم بما هو مرادف لها في عرفنا حتّى يستكشف منها ما هو المتبادر منها ، بخلاف ما هو بأيدينا من الألفاظ المترادفة قطعا لبعض الكلمات العربيّة كما في أداة الشّرط ، وذلك لأنّ التّبادر الّذي يكون من علائم الوضع حسبما قدّمناه وعرّفته في محلّه لا اختصاص له بحصوله عند المستعلم ، بل لو علم بحصوله عند أهل العرف والمحاورة والمعرفة باللّغة كما في المقام كان أيضا علامة الوضع قطعا ، إلّا أنّ يكون مراد القائل أنّه لمّا لم يكن إلى ذلك سبيل في المقام فينحصر طريق الاستعلام في وجدان المرادف لها في عرفنا ، كي يستكشف معناها الحقيقي