والجزم بذلك في جميع ما ينقل من طريق غيرهم يحتاج إلى مزيد فحص وتتبع. على أنه يكفي النقل غير الحجة في مورد قاعدة التسامح في أدلة السنن. مع أنه يكفي في الثمرة ما ينقل عن الأئمة السابقين على الصادقين أو عنه صلىاللهعليهوآله من طريقهم. فالجزم بعدم فعلية الثمرة في غير محله.
ثم إن اختصاص النزاع والثمرة بتحقق الوضع في عصر النبي صلىاللهعليهوآله قد يكون ناشئا من أن أصل تحرير المسألة قد وقع من العامة ، أما بناء على ما عليه أهل الحق من حجية أقوال أئمة أهل البيت عليهمالسلام وأفعالهم فحصول الوضع في عصر كل منهم مورد للثمرة بالإضافة إلى ما يصدر منه ومن أتباعه في مقام الحكاية عنه ، كما هو ظاهر.
إذا عرفت هذا ، فالظاهر أنه لا مجال للبناء على صدور الوضع التعييني من الشارع ، لما في ذلك من الكلفة والعناية غير المألوفة في تلك العصور ، ولم يكن الغرض الفعلي إلا تفهيم المعنى ولو بالقرينة. مع أن ذلك لو صدر لظهور وبان ، لأهميته جدا ، وتوفر الدواعي لنقله ، من دون موجب لإخفائه.
نعم ، قرب المحقق الخراساني قدسسره تحقق الوضع من الشارع باستعمال اللفظ في المعنى الشرعي على أنه معناه الدال عليه بنفسه ، لا بالقرينة ، ولو بإقامة القرينة على ذلك. نظير إنشاء العقود والإيقاعات وإبراز الالتزام بها بترتيب آثارها كالمعاطاة. بل ذكر بعض الأعيان المحققين قدسسره أنه لا بد من البناء على ذلك ، لأن سيرة أهل العلوم والفنون والصناعات المخترعة لهم على تعيين الألفاظ المناسبة ليسهل تفهيمها ، ولا تدون وتضبط إلا بعد تكامل العلم.
لكنه يشكل بأن تكوّن مصطلحات العلوم والفنون والصناعات تدريجي ، ولا همّ للمؤسسين إلا تفهيم المعاني بالطرق الميسورة ولو بضميمة القرائن. على أن هذا الوجه يشارك الوجه الأول في وجه المنع ، لعدم ترتب الغرض عليه إلا بظهوره ، ومعه لا بد من وصوله إلينا. بل حيث كانت الكلفة