وثانيا : على أن المراد بالعهد في الآية الإمامة التي لا تثبت فعلا للشخص إلا بوجوده واجتماع الشروط فيه ، ومنها عدم كونه ظالما ، كي يدعى أن ظاهرها لزوم عدم كونه ظالما حين انعقاد الإمامة له ، فلا يشمل من خرج عن التلبس بالظلم إلا بناء على عموم المشتق.
ولا طريق لإثبات أحد الأمرين فضلا عن كليهما ، لو لم يكن الظاهر خلافهما.
أما الأول فلعدم ظهور النصوص في الاحتجاج بالآية الشريفة والإلزام بمفادها في مقابل خصم منكر ، بل في مجرد بيان المراد منها ، ولا مانع من ابتناء إرادة ما تضمنته النصوص منها على خلاف ظهورها البدوي لقرائن اطلع عليها من أوتي علم الكتاب ، تشهد باستعمال المشتق ـ ولو مجازا ـ في حال انقضاء التلبس ، أو بأن حال الجري ليس هو حال ثبوت الحكم.
وأما الثاني فلاحتمال أن يكون المراد بالعهد في الآية هو عهده تعالى لإبراهيم عليهالسلام بجعل الإمامة في ذريته بعد طلبه ذلك واستفهامه عنه ، بل لا يبعد ظهورها في ذلك بحمل العهد على الفعلي الشخصي ، لا الكلي المنحل إلى أفراد تقديرية لا تكون فعلية إلا بنصب الإمام في وقته.
على أن إطلاق العهد على ذلك لا يخلو عن تكلف ، فإن العهد عرفا مساوق للوعد الجازم ، الذي يكون موضوعه أمرا استقباليا ، فنصب الإمام ليس عهدا ، بل تنفيذ للعهد المذكور. بل ذلك كالصريح من النبوي. وعليه يكون مفاد الآية أن العهد الذي أعطاه الله تعالى لإبراهيم عليهالسلام بجعل الأئمة من ذريته لا يتناول الظالم منهم.
وحينئذ لا بد أن لا يراد به الظالم منهم حين قطع العهد ، لعدم وجودهم أو عدم وجود أكثرهم حينه ، بل يتعين حمله على من يكون ظالما حين وجوده