والمطلوبية فيه أشد استقل العقل عند التزاحم بوجوب) اختيار الفعل الأهم المستلزم (ترك غيره) أي غير الأهم (وكون وجوب الأهم مزاحما لوجوب غيره) وإلّا فلا يصير فعل غير الأهم منهيا عنه لدى تنجيز التكليف بضده كما اذا دار الأمر بين اعطاء الزكاة لهذا الفقير أو ذاك على كون احدهما في مخمصة يخاف عليه الموت من المجاعة ، فإن وجوب اعطاء الزكاة في حقه قد تأكد باتحاده مع عنوان آخر واجب ، وهو حفظ نفس المسلم بحيث لو ترك ذلك يلزم فوت الواجبين (من دون عكس) لعدم أهميته (وكذا) استقل العقل عند التزاحم بوجوب اختيار الفعل المحتمل الأهمية (لو احتمل الأهمية في أحدهما) كان نقطع بأن أحد الغريقين المعين غير نبيّ ، والآخر محتمل النبوة فيصير محتمل الأهمية متعينا (دون الآخر).
وبعبارة أوضح : إذا كان هناك واجبان متزاحمان نظير انقاذ الغريقين ، أو كمزاحمة وجوب الصلاة مع ضيق الوقت وبين انقاذ الغريق أو بين انقاذ الغريق واطفاء الحريق ، ولا يقدر على اتيانهما بل على أحدهما فقط فالحكم هو التخيير.
ففي هذه الصورة لو صادف عنوان آخر مع أحد المتزاحمين ، وصار متحدا معه في الخارج فهذه تكون على قسمين.
الأول : أنه إذا كان هذا العنوان المتحد أمرا وجوبيا يجب امتثاله ، وليس له مصداق سوى هذا الفرد المزاحم المتحد معه ، فحينئذ يجب الحكم بتقديم هذا المزاحم على عدله ويصير واجبا تعيينيّا ، كما إذا وقع المزاحمة بين انقاذ الغريق واطفاء الحريق ، وكان الغريق عبدا مملوكا للمالك ، ويجب على المالك عتق الرقبة ، مثلا : إنه إذا نذران يعتق عبدا أو يزوجه أو يرسله لزيارة حج بيت الله أو أمثال ذلك ، ولا يمكنه امتثال هذا التكليف إلا في نفس هذا المورد ، بمعنى أنه لا يوجد له رقبة اخرى يعتقها للامتثال ففي تلك الصورة ربما يستقل العقل بترجيح انقاذ الغريق لما فيه من الأهمية على عدله المزاحم له.