مثلا : اذا كان اللباس متدهنا يسأل من أين؟ فيقال : مستها يدي المتدهنة ، إذا قيل لم صار يدك متدهنة؟ يجاب : بانه ادخلناها في المرق ، والمرق تدهن بالالية ، واذا سألنا لما ذا تدهنت الآلية فيقال : انها متدهنة بالذات ، وفيما نحن فيه أيضا كذلك ، لأنه يثبت حجية الخبر بمفهوم آية النبأ ، وهو وجوب تصديق العادل ، والمفهوم من اقسام الظواهر لا يفيد علما بل ظنا نوعيا ، ولكن حجية هذا الظاهر بناء العقلاء قطعا ، وامضاء الشارع قطعا ، فينتهي الى القطع.
ولأجل هذا يقال : دليل علمي أي منسوب ومنته الى العلم (فإن كان الأصل مما كان مؤداه) أي الأصل (بحكم العقل) إذ الأصول الأربعة أما عقلية ، وأما شرعية.
البراءة أن أخذناها من قبح عقاب بلا بيان فهو عقلي ، وأن أخذناها من باب : كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ، فهي شرعية.
والاشتغال ، أن أخذناه من باب وجوب دفع الضرر المحتمل فعقلية ، وأن أخذناه من أخبار وجوب الاحتياط كصحيحة زرارة في باب الاستصحاب (١) فشرعية ، لقوله قلت : فأني قد علمت انه قد أصابه ولم أدر أين هو فاغسله قال تغسل من ثوبك الناحية التي نرى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك والاستصحاب أن أخذناه من الخبر اعني : لا تنقض اليقين بالشك (٢) ونظائره.
وبعبارة أخرى : قلنا بحجيته تعبدا شرعيا ، فهو من الأصول العملية وأما أن أخذناه من حكم العقل ، كما ذهبوا اليه قبل زمن والد شيخنا البهائي قدسسرهما ـ اذا العقل يحكم بإن ما لم يثبت شيء فالأصل عدمه وإذا ثبت دام ـ فهو خارج عما نحن فيه ، لأن حجية الاستصحاب من باب الظن يصير من قبيل
__________________
(١) الكفاية ج ٢ ص ٢٨٩ والوسائل الجزء ـ ٢ ص ـ ١٠٠٦ (الرواية : ٢).
(٢) بحار الأنوار ج ٢ ص ـ ٢٧٢ و ٢٨١ (الرواية : ٢ و ٥٣).