والحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام فتدعه بعينه (١) ونحكم بحليتها.
وهكذا لو أخبر أحدهما بوجوب السورة والآخر بعدم وجوبها نجري البراءة عن وجوبها وان لم يكن احدهما موافقا للأصل ، كما إذا أخبر العادل بوجوب الظهر متعينا والأعدل بوجوب الجمعة كذلك ، لا يرجع إلى الاحتياط المخالف لكليهما ، لأن كل واحد ، يدل على الاكتفاء ، ومعنى الاحتياط عدم الاكتفاء بكل واحد ، كما قال : (إذا لم يخالف) الأصول الموجودة مع (كلا المتعارضين).
وأما إذا خالف كلاهما الأصل ، فيرجع إلى الاحتياط ان امكن الموافقة العملية ، وإلّا فالتخيير ، فالأصل يكون مرجعا لا مرجحا ، وإلّا إن كان مرجحا لا يجري الأصل ، لكونه دليلا ، والأصل دليل حيث لا دليل.
(فرفع اليد عن مقتضى الأصل المحكّم) أي المقدم (في كل ما لم يكن طريق فعلى على خلافه بمجرد مزية) في احد المتعارضين (لم يعلم اعتبارها) من قبل الشارع ، وقوله (لا وجه له) خبر لقوله رفع اليد ، ولذا يتساقطان ويرجع إلى الأصل (لأن المعارض المخالف) أعني معارضة كل منهما مع الآخر (بمجرده ليس طريقا فعليا لابتلائه بالمعارض الموافق للأصل) فلا يكون كل منهما فعليا ، فيتساقطان ويرجع إلى الأصل الموافق لا من باب الترجيح.
(والمزية الموجودة) كالأعدلية مثلا (لم يثبت تأثيرها) أي المزية الموجودة (في دفع المعارض) وهو : اخبار العدل ، لأن مناط الحجية موجود في كليهما ، والشارع انما جعل المناط العدالة فقط فزيادتها وعدمها ، لا دخل له في مناط الحجية ، فلا يجوز رفع اليد عما يقتضيه الأصول بمزية غير ثابتة الاعتبار.
(وتوهم استقلال العقل بوجوب العمل بأقرب الطريقين إلى الواقع وهو) أي الرجوع إلى أقرب الطريقين (الراجح) منهما ، كما هو سيرة عقلائية ثابتة عند رجوعهم إلى أهل الخبرة ، لأن الأعدلية مثلا تحدث مزية في مؤداه ، ويتأكد
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٧ ص ـ ٩٢. (الرواية : ٧).