ومن هنا يعلم أن هذا البحث في اختلاف أهل اللغة في معنى اللفظ ، إنما يكون موردا للبحث ، إذا كان اللغات متعلقة للاحكام الشرعية بحيث يختلف الحكم الشرعي باختلاف معنى اللغة ، كما في الصعيد.
وأما ساير اللغات التي ليس للفقيه حاجة في تشخيص معناها كنزاع في كلمة خندريس أو دمسق ، فهو خارج عن محل الكلام وغير راجعة إلى الحكم الشرعي ، والبحث عنها لغو (كما لو فرضنا تعادل) أي تكافؤ (أقوال أهل اللغة في معنى الغناء أو) كتعادل أقوال أهل اللغة في معنى (الصعيد أو) في معنى (الجذع من الشاة في الأضحية) أي ما يذبح في عيد الأضحى ، مثلا قال صاحب المجمع : الغناء ، هو عبارة عن صوت المطرب ، و : الصعيد ، هو مطلق وجه الأرض ، و : الجذع ، هو الشاة التي بلغ ستة أو سبعة أو ثمانية أشهر ، وقال صاحب فقه اللغة الغناء ، هو : الصوت مع الترجيع أو مع انضمام آلات اللهو إليه ، كالمزمار والطبل والتار ، و : الصعيد ، هو : التراب الخالص و : الجذع ما بلغ سنه بعشرة أشهر أو سنة كاملة ، والمفروض تكافئهما بحيث لا يكون أحدهما أمهر من الآخر ، بل هما متساويان في المهارة (فإنه يرجع إلى الأصل في المسألة الفرعية) بعد التساقط ، فنأخذ في جميع المذكورات بما يجري فيها من الأصل العملي ـ براءة كان أو اشتغالا.
(بقي هنا ما يجب التنبيه عليه ، خاتمة للتخيير ، ومقدّمة للترجيح) لأن الكلام في المقام ، قد يقع في أصل وجوب الفحص ، وقد يقع في مقداره.
أما الكلام من الجهة الثانية : فقد مر في مبحث البراءة ، وحاصله : أن حد الفحص عنه كان بحيث يحصل الاطمئنان بعدم وجوده فيما بأيدينا ولا يعتبر تحصيل العلم بعدمه.
وأشار إلى الجهة الأولى ، بقوله : (وهو) أي ما يجب التنبيه عليه (أن الرجوع إلى التخيير ، غير جائز ، إلا بعد الفحص التام عن المرجحات) كما أنه لا يجوز التمسك بالعموم قبل الفحص عن المخصص (لأن مأخذ التخيير) أما