مرضيّان لا يفضل أحدهما على صاحبه) فإنّه أوّلا اكتفى بذكر العدالة من الأوصاف ، ثمّ اتى بلفظ : المرضيّان ، يعني سواء كان من حيث الأوصاف المذكورة ، أو غيرها كما هو المحتمل من لفظ : المرضيّان ، (فقد فهم) : الراوي (أنّ الترجيح بمطلق التفاضل) وهذا هو مراد الامام عليه الصلاة والسلام ، ولا يكون المجموع أي الأوصاف الثلاثة منضمّة معتبرة بل كل واحد مستقلّ في الترجيح به ، وإلا لكان له «ع» أن يبيّن للراوي اشتباهه.
(وكذا يوجّه الجمع بين موافقة الكتاب ، و) موافقة (السنة ، ومخالفة العامّة مع كفاية واحدة منها اجماعا) فكما أنّ التعبير بموافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامّة ليس المنظور هو المجموع ، بل كلّ واحد مستقلا ، فهكذا ما نحن فيه.
(الثاني) من الأخبار الواردة التي تدلّ على وجوب الترجيح (ما رواه ابن أبي جمهور الاحسائي ، في عوالي اللّئالي عن العلّامة قده مرفوعا إلى زرارة) بن اعين (قال : سألت أبا جعفر) الباقر (عليه الصلاة والسّلام فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران والحديثان) ـ لعلّ الخبر في اصطلاح أهل الحديث ، هو ما لا ينقله الامام «ع» عن النبيّ (ص) والحديث هو ما ينقله (ع) عنه (ص) المتعارضان ، (فبايّهما آخذ ، فقال عليهالسلام : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك) ـ والمراد به هو مشهور الرواية لا الشهرة الفتوائية ـ (ودع الشاذ النادر ، فقلت : يا سيّدي أنّهما معا مشهوران مأثوران) أي مرويّان (عنكم ، فقال عليهالسلام : خذ بما يقول أعدلهما عندك ، وأوثقهما من نفسك ، فقلت : أنهما معا عدلان مرضيّان موثّقان ، فقال عليهالسلام : انظر ، ما وافق منهما العامّة فاتركه ، وخذ بما خالف ، فإنّ الحقّ فيما خالفهم ، قلت : ربّما كانا معا موافقين لهم) أي للعامة بأن وافق طائفة منهم لأحد الخبرين ، وطائفة أخرى للخبر الآخر ، كما إذا روى أحدهما التكتف فوق السرّة ، والآخر تحت السرّة كما بين الحنفيّين والشافعيّين ، وكلاهما موافقين للعامّة (أو مخالفين) لهم كما إذا روي أحدهما