التقييد.
وهكذا اذا ورد هناك عام ومطلق تعارضا في بعض مصاديقهما كقوله : أكرم عالما ، ولا تكرم الفساق ، فأنهما كما ترى يتعارضان في مادّة الاجتماع منهما ، وهو العالم الفاسق ، بالعموم والاطلاق ، فيدور الامر بين تخصيص العام في الأوّل بغير العالم ، وتقييد العالم في الثاني بغير الفاسق ، ولا اشكال في ترجيح العموم على الاطلاق نوعا وجعله صارفا عن الاطلاق وقرينة للتقييد ، فيحكم بحرمة إكرام العالم الفاسق ، وهذا معنى قولهم : أن التقييد أولى من التخصيص (على ما حققه سلطان العلماء قده من كونه) أي كون التقييد (حقيقة لأن الحكم بالاطلاق) كأكرم العالم (من حيث عدم البيان و) عموم (العام) كلا تكرم الفساق (بيان) له (فعدم البيان للتقييد) (١) (جزء من مقتضى الاطلاق) لأن حمل المطلق على الإطلاق يثبت بمقدمات الحكمة وهي اربعة.
١ ـ أن يكون المتكلم حكيما.
٢ ـ وكون المتكلم في مقام بيان تمام المراد.
٣ ـ ولم يكن هناك انصراف الى بعض افراده ولو انصرف اليه للشيوع مثلا لما أمكن حمله على الاطلاق ليشمل غير ما أنصرف اليه من الافراد.
٤ ـ ولم يكن هناك تقييد والمفروض قيام الدليل على التقييد (والبيان للتخصيص) أي التقييد (مانع عن اقتضاء العام للعموم).
وإن شئت فقل : أن الشك في إرادة هذا الفرد من العالم ، أعني زيد العالم الفاسق مثلا مسبب عن ورود التخصيص بهذا الفرد وعدمه ، وأن دلّ دليل
__________________
(١) اللام للتقوية وهي معنى بين التعدية والزيادة ، لأن البيان مصدر متعد ، لكن لكونه ضعيفا في العمل جيء باللام نظير : فعّال لما يريد ، فكما أن فعّال بحسب المعنى متعد ولكن بحسب العمل لفظا حيث كان ضعيفا عومل معه معاملة اللازم ، فكان اللام للتعدية هكذا المقام.