أصل معتبر في المورد موافق لاحدى الامارتين يوجب ترجيح الموافق للأصل على معارضه ، وهذا مبنى على الترجيح بالأصل كما في المتن (إلّا أنه) أي الشأن (ان جعلنا الأصل من المرجحات) ففي المقام نقول : المراد من الصعيد ، هو مطلق وجه الأرض كالحجر والمدر لأن قيد الترابية ضيق على المكلّف ، و : الناس في سعة ما لا يعلمون ، يدل على عدم اعتباره ، فيرجح مطلق وجه الأرض.
ويمكن أن يقال : أنّ الأخذ بكون الصعيد بمعنى التراب ، وتطبيق العمل عليه موجب لليقين بفراغ الذمة ، لأن التيمم بالتراب مبرئ للذمة ـ على كلا القولين ـ.
ويمكن أن يكون هذا مرجحا للمعنى الآخر ، ففي الفرض ، هاتان الامارتان المتعارضتان كل منهما موافق للأصل من جهة ، فلو كان رجحان لأحد الأصلين على الآخر تقدم الامارة الموافقة له ، وعلى فرض التساوي في الأصلين من حيث الرتبة ، فالمتعارضان متكافئان حينئذ.
وعلى كل حال : هذا الكلام إنما هو في صورة جعل الأصل من المرجحات (كما هو المشهور ، وسيجيء) أن الفقهاء رجحوا في الكتب الاستدلالية بأصالة البراءة ، والاستصحاب لكون بنائهم على الظن فيهما.
وما ذكرناه من ترجيح المتعارضين باصالة البراءة ، أو الاشتغال مبنى على كون الأصلين مرجحا ، لا مرجعا بعد التساقط كما سيجيء إن شاء الله تعالى و (لم يتحقق التعادل بين الامارتين الا بعد عدم موافقة شيء منها) أي الامارة (للأصل).
ان قلت : حيث أن كلا منهما شيء لا يعلم فنرجع إلى الثالث ، ونجري البراءة من كليهما.
قلنا : (والمفروض عدم جواز الرجوع إلى الثالث ، لأنه طرح للامارتين ، فالأصل الذي يرجع إليه هو الأصل في المسألة المتفرعة على مورد التعارض).