التوراة ، فلا نصدقهم في ذلك ولا نكذبهم وقال تعالى ذلك في حقهم لكونهم ليسوا مثله ، فما عرفوه ، ومن جهل أمره لا يقدر قدره ، فهم ليسوا له بمثل ولا هو مثل لهم ، فوصفوه بنفوسهم وبما هم عليه ، ولا يتمكن لهم ذلك ، لأنهم يريدون الوصف الثبوتي ولا يكون إلا بالتشبيه ، ومن جعل مثلا لمن لا يقبل المثل فما قدره حق قدره ، أي ما أنزله المنزلة التي يستحقها ، فذمهم بالجهل حيث تعرضوا لما ليس لهم به علم ، فلو قالوا فيه بما أنزله إليهم لم يتعلق بهم ذم من قبل الحق ، لأن الحاكي لا ينسب إليه ما حكاه ، فلا يتعلق به ذم في ذلك ولا مدح ، فعلم الخلق بالله لا يدرك بقياس ، وإنما يدرك بإلقاء السمع لخطاب الحق ، إما بنفسه وإما بلسان المترجم عنه وهو الرسول ، مع الشهود الذي لا يسعه معه غير ما سمعه من الخطاب ، كما قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ) إشارة لما تقدم (لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) فأحال على النظر الفكري بتقلب الأحوال عليه (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) وما عدا هذين الصنفين فلا طريق لهم إلى العلم بما يستحقه الحق أن يضاف إليه ، وما يستحقه الخلق أن يضاف إليهم ، وقدر الله لا يقدر مفصلا ، لأن الزيادة من العلم بالله لا تنقطع دنيا ولا آخرة ، فالأمر في ذلك غير متناه (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) فيما كيّف به نفسه مما ذكره في كتابه وعلى لسان رسوله من صفاته ، وقدر الأمر موازنته لمقداره ، وهذا لا يعلم من الأمر حتى يكون له ما يعادله في ذاته ، فيكون ذلك المعادل مقدارا له لأنه يزنه ، وقد جعل الله لنفسه قدرا لكنه مجهول عند أصحاب هذا الضمير ، ولا يعرف قدر الحق إلا من عرف الإنسان الكامل الذي خلقه الله على صورته ، وهي الخلافة ، ثم وصف الحق نفسه في الصورة الظاهرة باليدين والرجلين والأعين ، وشبه ذلك مما وردت به الأخبار مما يقتضيه الدليل العقلي من تنزيه حكم الظاهر من ذلك في المحدثات عن جناب الله ، فحق قدره إضافة ما أضافه إلى نفسه مما ينكر الدليل إضافته إليه تعالى ، إذ لو انفرد دون الشرع لم يضف شيئا من ذلك إليه ، فمن أضاف مثل هذا إليه ، عقلا فذلك هو الذي ما قدر الله حق قدره ، وما قال أخطأ المضيف ، ومن أضافه شرعا وشهودا ، وكان على بينة من ربه ، فذلك الذي قدر الله حق قدره. فالإنسان الكامل الذي هو الخليفة قدر الحق ظاهرا وباطنا ، صورة ومنزلة ومعنى لأنه على صورة الحق ، والعالم قدر الحق وجودا ، وأما في الثبوت فهو أظهر لحكم الأزل الذي هو للمكنات في ثبوتها لأن الإمكان للممكن نعت ذاتي نفسي ، وما ظفر بالأمر