(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (٨٩)
(وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) وهم الرسل ، وألحقنا الله تعالى بأنبيائه بأن جعلنا شهداء على أممهم معهم حين يبعثهم ، فقال تعالى (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ).
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٩٠)
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) لما فيه من الفضل لمن أخذ له بالحق ، واعلم أن العدل ما ولي مدينة قط ولا مملكة إلا ظهرت فيها البركة ونمت الأرزاق وعمت الخيرات جميعها ، وهو موجود محبوب على ممر الدهور والأعصار ، وهو الميزان الموضوع في الأرض ، وبه يكون الفصل في العرض الأكبر بين العباد ، وهو الحاكم في ذلك اليوم ، وهو المأمور به شرعا ، وإن الملك جسد روحه العدل ، ومتى لم يكن العدل خرب الملك ، وكانت الحكماء تقول : عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان ، وقد أمر الله تبارك وتعالى عباده فقال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) وذم من لم يتصف به ولا جعله حاكما عليه فقال (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) ومن فعله صلىاللهعليهوسلم وقد انقطعت إحدى نعليه أن نزع الأخرى ومشى حافيا حتى يعدل في أقدامه ، فاجعل العدل حاكما على نفسك وأهلك ورجلك وخولك وعبيدك وأصحابك وجميع من توجه عليه حكمك ، وفي كلامك وفعلك ظاهرا وباطنا (وَالْإِحْسانِ) معطوف على العدل في الأمر به ، فيكون من ظهر فيه سلطان العدل وأخذ بجريمته أن يعطف عليه بالإحسان ، فينقضي أمد المؤاخذة ولا ينقضي أمد الإنعام والإحسان ، وقد يكون الإحسان ابتداء وجزاء للإحسان ، كما جاء في قوله تعالى (هَلْ جَزاءُ